الغرف المحصنة .. صناعة يحركها الخوف من السطو والخطف والإرهاب

الغرف المحصنة .. صناعة يحركها الخوف من السطو والخطف والإرهاب

عندما يزور بول ويلدون، الذي يعمل نجارا، الزبائن يتم نقله إلى عالم آخر: عالم متألق مليء بالثروة. يقول: "إنه سيريالي". الرجل البالغ من العمر 50 عاما يعمل في تصميم وتركيب الغرف المحصنة - أماكن للاختباء من الدخلاء أو الخاطفين حتى يصل الأمن أو رجال الشرطة - في منازل العائلات الغنية. في إحدى الرحلات لزيارة أحد العملاء في "بلد فقير" (الكتمان هو جوهر مهنته)، فوجئ بالتفاوت بين أسطول سيارات الرولز رويس البيضاء داخل محيط العزبة الخاصة وحجم الفقر في الخارج.
الغرف المحصنة تعتبر سوقا متميزة - وفقا لأولئك الذين في الصناعة - آخذة في الارتفاع، مدفوعة بالخوف من الإرهاب، والاعتداءات، والسرقات، وعمليات الخطف لأفراد عائلات أهل المال، والمسؤولين التنفيذيين رفيعي المستوى، وأصحاب المشاريع والمشاهير.
وبشكل عام، هناك نوعان من الغرف الآمنة. الأكثر شيوعا مصممة للحماية من المتسللين أو الخاطفين، وقد تكون أي شيء من خزانة محصنة، حمام أو غرفة نوم، إلى غرفة مصممة. ثم هناك "المخابئ" النادرة، المجهزة للتعامل مع الكوارث الطبيعية أو الإرهاب، التي تشمل أنظمة تنقية وإدخال الهواء. والأولوية هي أن تكون قادرا على التواصل مع الشرطة وربما مجموعة الحماية الأمنية الخاصة.
توماس جافني، مؤسس شركة جافكو باليستيكس، الشركة القائمة في نيويورك المتخصصة في تصميم غرف الأمن السكنية والمؤسسية الراقية، يقول إن قطاع الأمن تطور على مدى العقود القليلة الماضية.
جافني، الذي غادر أيرلندا متوجها إلى نيويورك قبل 27 عاما للبحث عن عمل، بدأ بناء غرف الحماية "لمصارف الفقراء" - متاجر صرف الشيكات - في مناطق تشمل هارلم وجنوب برونكس. "لم يكن هناك أي مصرف في تلك المناطق وكان العاملون بحاجة إلى الكثير من الحماية. الفتحات الضيقة كانت منتشرة. حيث قمنا بتحصين أماكن الصرافين باستخدام الصلب والزجاج البالستي، عمليا كنا نبني لهم أقفاصا".
في وقت لاحق انتقل إلى تجهيز مصارف التجزئة في مدينة نيويورك بمواد أمنية مثل الزجاج المضاد للرصاص ومعدات الاتصالات. في أعقاب هجمات 11 / 9 الإرهابية، طلبت منه الشركات تركيب الغرف المحصنة في مقارها الرئيسة. وهذا أدى إلى طلبات من الأفراد لتوفير الشيء نفسه في منازلهم.
في العام الماضي، تولى تركيب 26 غرفة محصنة في مساكن خاصة، وهذا العام يتوقع أن يكون العدد 30 غرفة. قبل سبعة أعوام، يقول إن 30 في المائة من عمله كان سكنيا، الآن النسبة 70 في المائة.
العمل يأخذه حول العالم، حيث يتم توظيفه من قبل الأثرياء الذين يخشون الهجمات على عائلاتهم وممتلكاتهم. وقام العام الماضي بتركيب أربع غرف آمنة في نيجيريا وواحدة في لندن. لكن معظم العمل في نيويورك، وأيضا في منطقة هامبتونز لمنازل قضاء العطلات.
كريستوفر فوكنبرج، المحامي السابق والعميل السابق في المخابرات الأمريكية، هو مؤسس شركة إنسايت للأمن القائمة في نيويورك، المتخصصة في الأمن الشخصي للأفراد الأثرياء فضلا عن مسؤولين تنفيذيين في الشركات متعددة الجنسيات. شهدت شركته زيادة بنسبة 40 في المائة في الطلب على العمل على الغرف المحصنة في العام الماضي. ويقول إن هذا جزئيا يعتبر علامة على الفجوة بين الأثرياء والفقراء. "الخوف من عدم المساواة يزيد من المخاوف بين الناس في وول ستريت وأولئك الذين في صناديق التحوط. عدم المساواة هو قضية مهمة". ويضيف أن الناس قلقون على سلامتهم من الناشطين أو المجرمين الذين يستهدفون الأثرياء.
جافني يشكك في فكرة أن "الأثرياء" يخافون التعرض للهجوم من قبل "الفقراء". لكن "الأمر يتعلق بعامل ’ماذا لو‘".
الغرف المحصنة التي تبنيها شركة جافكو تكلف 150 ألف دولار وقد تصل إلى 600 ألف دولار. يقول "إذا كنت تنفق 30 مليون دولار على منزل، عندها 200 ألف دولار من أجل غرفة آمنة لا يعتبر مبلغا كبيرا".
بدأ ويلدون شركة الغرف المحصنة، القائمة في روثرهام شمالي إنجلترا، قبل أربعة أعوام، بسبب تقلص هوامش الربح في عمله في تركيب أجهزة الصراف الآلي. توقع طلبات من لاعبي كرة القدم رفيعي المستوى، لكن ما حصل عليه كان تدفقا ثابتا من رجال الأعمال الأثرياء والمشاهير، خاصة في لندن، وعادة في كينزنجتون. يقول: "إنهم يملكون كل هذه الثروة ويريدون حمايتها".
هل الغرف المحصنة هي رمز للمكانة؟ بالتأكيد لا، كما يقول جافني. "الأشخاص لا يتحدثون عن الأمر - إنها ليست غرفة تدخين السيجار أو غرفة البلياردو. فأنت لا تسمع الأشخاص يتباهون بها". هذا يمكن أن يجعل التسويق بمنزلة مشكلة لأن الشركات التي تقوم ببناء الغرف المحصنة يطلب منها توقيع اتفاقات عدم الكشف والعملاء يمنعون وضع صور غرفهم في المواد الإعلانية. لكن جافني متفائل ويقول إنه لا يحتاج إلى بذل جهود كبيرة جدا من أجل تأمين الأعمال.
وبحسب فوكنبرج، أحد الجوانب السلبية للسرية التي تغلف الصناعة هو أن هناك القليل من التدقيق. "على عكس الطبيب أو المهندس، ليس هناك ما يوقفك من قول إنك تعمل في مجال الأمن".
ويعترف بأن الأشخاص الذين يشترون هم ضعفاء أمام مندوبي المبيعات الذين يتحدثون عن تهديد سلامتهم. "الأمر يتعلق بالأمور التي لم تحدث. والأشخاص يصبحون قلقين". كما يعتقد أن جزءا من عمله هو تهدئة الأفراد للتخلص من قلقهم. "أنا أحاول النظر إلى المخاطر بطريقة ذكية تستند إلى الأدلة (...) عمليات الاختطاف احتمال ضعيف جدا، لكنه ذو تأثير كبير. ومجموعة العينة صغيرة جدا".
الهدف من الغرف المحصنة هو منح عملائه بعض الوقت قبل أن تصل الشرطة. "بإمكانك إنفاق المال على الأرضيات والأبواب المصفحة، لكنك لا تحتاج إلى ذلك في نيويورك". يقول فوكنبرج إن الأساس في الخدمة الجيدة هو تقديم الغرف الآمنة باعتبارها عنصرا واحدا فقط من الحزمة: "الأمن يعتبر عملية حيوية، وليس عملية ساكنة". ويضيف أن التدرب على السيناريوهات ومراقبة احتياجات العملاء المتغيرة ينبغي أن يكون جزءا من الخدمة. "الأمر لا يتعلق ببناء أداة ومجرد المغادرة".
يقول إن التهديد من مصادر داخلية يعد مصدر خوف كبير، بالتالي لا بد من التدقيق الأمني للموظفين ومراقبتهم باستمرار. ومن المهم ألا تكون "جميع مفاتيح القلعة" بيد موظف واحد فقط.
أكبر مصدر للإحباط، كما يقول ويلدون، الذي مصدر حمايته الوحيد هو استخدام كلبين كبيرين، هو الوقت الذي يستغرقه لإنجاز المشروع: "كل شيء بطيء فعلا. هؤلاء الناس مشغولون للغاية، وإذا كان لديهم الكثير من الممتلكات واليخوت وما إلى ذلك، فربما نحتاج إلى 12 شهرا حتى نستطيع البدء في العمل. هذا ليس عملا يتطلب وضع زجاج سميك على النوافذ. لا أستطيع أن أتصل هاتفيا وألح عليهم".

الأكثر قراءة