انتهاكات إيران لأجواء الحظر .. استفزازات سافرة تهدد سلاسة وسلامة الحركة الجوية
تكررت الانتهاكات الإيرانية لأجواء الحظر الجوي اليمني ثلاث مرات خلال الفترة الأخيرة فقط، فضلا عن طائرات أخرى تقلع دون تصريح الطيران المتعارف عليه دوليا، بقصد الاستفزاز، وإثارة البلبلة. إذ يشير مختصون في الطيران إلى أن الإقلاع دون تصريح تصرف من المستحيل أن يصدر بحسن نية، ولا يمكن وصفه إلا بـ"الصبياني" لتأثيره في سلامة الحركة الجوية.
###اليمن أولا
من جهتها، تدخل الهدنة الإنسانية في اليمن، التي أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يومها الثاني. ومع ذلك لا يزال كثير من المراقبين ما بين مشكك ومتشائم، من التزام الحوثيين ومصداقيتهم، والأمر ذاته ينطبق على الممولين والمحرضين في إيران. إلا أن ذلك لم يمنع مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية من بدء أعماله التنسيقية لنجدة اليمنيين بإشراف مباشر من الملك الذي اختار تغيير جدولة زيارته الرسمية وإنابة ولي العهد لحضور قمة "كامب ديفيد" حتى يقف بشكل مباشر على هذه الجهود الإغاثية في رسالة مفادها أن الشعب اليمني أولا وقبل كل شيء.
وبالعودة للمخاوف التي من شأنها تأخير المساعدات أو تعطيلها فإنها تتركز، بحسب مراقبين، في احتمال عدم التزام إيران بشروط الحظر الجوي وواجباته. فقد حاولت سابقا تجاوز هذا الحظر ثلاث مرات كما جاء على لسان المتحدث باسم قوات التحالف مستشار وزير الدفاع العميد عسيري. ما اضطر التحالف في المرة الثالثة لقصف مدرج مطار صنعاء تجنبا لإصابة الطائرة وحتى لا تتمكن من الهبوط في مطار صنعاء. خصوصا أنها رفضت الامتثال لتعليمات المراقبة الجوية، وإجراءات قوات التحالف الصارمة، في أكثر من مرة، بضرورة التوجه لمطار بيشة المخصص للتعامل مع الطائرات الإغاثية القادمة إلى اليمن، من أجل إتمام إجراءات التفتيش، والتأكد من طبيعة الحمولة التي تحملها. فضلا عن تأخر الطائرة الإيرانية عن الوقت المحدد لوصولها في جدولة الطيران، علما بأن هذا التأخر في الالتزام بالوقت المحدد للوصول مبرر كاف وقانوني لعدم استقبال الطائرة، وفقا لمقتضيات أنظمة الطيران المدني.
###تاريخ سيئ
يذكر أن إيران وطياريها بارعون في خرق قوانين السلامة منذ 2010 حين منع الاتحاد الأوروبي بعض شركات الطيران الإيرانية من التحليق في أجواء الاتحاد اعتراضا منه على جاهزية كثير من طائراتها من حيث اجتياز اختبارات السلامة وإجراءات الصيانة المعتمدة دوليا. فما كان من الطيران الإيراني إلا أن تحدى هذا الحظر متظلما ومبررا ما يقوم به الاتحاد الأوروبي بأنه غير قانوني وأنه امتداد للعقوبات الأمريكية على إيران. فيما نفى الاتحاد الأوروبي من جهته هذه التعليقات، مؤكدا أن السلامة هي كل ما يعنيه وأن تاريخ شركات الطيران الإيرانية في اتباع قوانين السلامة غير مشرف وغير مشجع. وهو الأسلوب ذاته الذي حاولت الشركات الإيرانية استخدامه قبل أسابيع خلال "عاصفة الحزم" إذ ادعت أن السلطات السعودية منعت طائرة خاصة بالمعتمرين من السماح لها بالعبور والنزول في محاولة فاشلة من قبل الجمهورية الإيرانية لاستعداء الآخرين ضد السعودية.
إلا أن الطيران المدني، ممثلا في متحدثه خالد الخيبري، نفى هذا الأمر بحسب الرواية الإيرانية، مشيرا إلى أن الطائرة المقصودة حاولت اختراق الأجواء السعودية دون الحصول على تصريح مسبق بالطيران. يعلق أليكس واتسون مدير الطيران المعتمد دوليا على هذا الأمر في حديثه لـ"الاقتصادية" قائلا: "الحصول على مثل هذا التصريح من أبجديات الطيران وأساسياته بالنسبة للطيار المبتدئ فضلا عن المتمرس .. إنه تصرف صبياني". وهو ما تؤكده صحف غربية، تابعت في تقارير لها حفاوة الاستقبال التي يلقاها الطيار الإيراني، فور عودته، وكأنه عائد من عمل "بطولي" تم الإعداد له سلفا. حيث تجاهل استخراج مثل هذه التصاريح عمدا ليس إلا ورقة إثارة لطالما استخدمتها إيران في ادعاءاتها و"مظلومياتها" ضد السعودية وضد الآخرين حول العالم.
###تأثير سلبي
وكانت السعودية قد فرضت حظرا جويا على الأجواء اليمنية بطلب مباشر من الرئيس الشرعي للبلاد عبد ربه منصور منذ اللحظات التي بدأ الحوثيون فيها تهديد سلامة اليمن من خلال طائرات عسكرية دأبت في آخر شهر آذار (مارس) بالانطلاق من مطار صنعاء لقصف مواقع في عدن منها القصر الرئاسي للرئيس عبد ربه منصور.
وقد تواترت تقارير صحافية حينها بأن الطيارين هم شباب حوثيون صغار في السن بمعية مدربين إيرانيين محترفين يتبعون الحرس الثوري الإيراني. وهو ما أثار حينها استهجانا شعبيا محليا ودوليا. لتأتي "عاصفة الحزم" بعد ذلك معلنة إقامة حظر جوي وبحري على جميع المنافذ المؤدية من وإلى اليمن استنادا إلى طلب الشرعية الذي تواصل دبلوماسيا وسياسيا بالضغط على مجلس الأمن المعني باستصدار قرارات الحظر الجوي. فكان أن صدر عن مجلس الأمن بعد جهود دبلوماسية مكثفة القرار 2216 الذي عزز بدوره ما تقوم به قوات التحالف حين نص على منع تسليح عبدالملك الحوثي وأحمد علي صالح.
يبقى أن استمرار استخدام مثل هذه الأساليب المتعمدة، بغرض الظهور بمظهر بطولي، قد يؤثر سلبا في سلاسة وسلامة الحركة الجوية، الدقيقة بطبعها، كما أنه قد يؤثر في سلاسة وصول المساعدات الإغاثية، كما حصل في مدرج مطار صنعاء الذي استهدف من قبل قوات التحالف، في وقت سابق، نظرا لهذه التصرفات اللامسؤولة من قبل الطيارين الإيرانيين. وهو الأمر الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل المجتمع الدولي، ممثلا في مجلس الأمن، وكل المعنيين بتنفيذ القرار الأخير من جهة، ومساعدة الشعب اليمني الشقيق من جهة أخرى، حتى تصل المعونات والمساعدات إلى مستحقيها بسلام، وفي الوقت المناسب دون إخلال تثيره مصالح خارجية ضيقة، لا تريد الخير لليمن وأهله.