خور مكسر .. الهمجية مرت من هنا

خور مكسر .. الهمجية مرت
من هنا
خور مكسر .. الهمجية مرت
من هنا

محمد الجرادي من صنعاء

لم يرتكب سكان خور مكسر في عدن ذنبا، ولم يعرفوا من الحياة سوى وجهها الهادئ، والبسيط، لم يحملوا سلاحا يوما لقتال أحد لكن الميليشيات الحوثية أبت إلا أن تقتحم فضاء تلك الوداعة والبساطة كي تثبت للمرة الألف وللعالم أجمع، هويتها "البربرية والوحشية"، في ارتكاب الفظائع والجرائم في حق المخالفين لها، من أبناء الشعب اليمني.
مدينة عدن وخور مكسر على وجه التحديد تعيشان اليوم ألمها الخاص، بعد أن اقتحمها "الهمج والبرابرة" ودمروا المنازل فوق ساكنيها، وأعدموا شبابا بريئا بتهمة الانتماء للمقاومة، وأجبروا العائلات على النزوح وبشكل جماعي من المديرية التي تتكون من سبعة أحياء كانت تنبض بالحياة والسلام، قبل أن يمزق فضاءها العام هدير الدبابات وأصوات المدافع.
وخور مكسر هي مدينة ومديرية تقع في محافظة عدن جنوبي اليمن يبلغ عدد سكانها 47 ألف نسمة حسب آخر إحصائيات رسمية عام 2004، وكانت موقعا عسكريا للقوات البريطانية إبان الاستعمار، وشيد فيه مطارا جويا عسكريا وبعض المعسكرات والمباني. كما خططت خور مكسر تخطيطا عمرانيا حديثا وفق الطراز الإنجليزي وشيد فيها الإنجليزي مطار خور مكسر المعروف الآن بمطار عدن الدولي وتبع ذلك بناء عديد من المنازل الخشبية التي يتكون بعضها من طابقين وبعضها الآخر من طابق واحد على النمط الهندسي الإنجليزي وبعض الفيلات المطلية بالطلاء الأبيض ولذلك عرفت هذه الوحدة السكنية بالوحدة البيضاء كما بنيت في خور مكسر أكبر المستشفيات وأهمها مستشفى إليزابيث الثانية، ومستشفى الجمهورية.
"الاقتصادية" تستمع لحديث أحد الناجين من محرقة خور مكسر في عدن الثلاثاء الذي-اعتذر عن ذكر اسمه- لأسباب قد تعرضه حياته للخطر.
يقول (ب، هـ) "فرق خاصة من الحرس الجمهوري الموالية لصالح بعتادها الكامل اقتحمت البيوت وأخرجت النساء والأطفال واعتقلت العشرات ممن يشتبهون به من الرجال والشباب أنهم من المقاومة بعد عملية قصف عشوائي بالسلاح الثقيل والمتوسط على أحياء خور مكسر وشاهدنا تصاعد أعمدة الدخان من البيوت المشتعلة وجثث الشباب مرمية في شوارعنا ولم يسمح لأحد بالاقتراب منها".
#2#
ويتابع (ب، هـ) في حديث مع "الاقتصادية" تم قنص صديقي محسن وهو عامل جاء من حضرموت بحثا عن رزقه في عدن وهو يعمل في (بقالة ثمود) وصلته رصاصة مباشرة في الرأس وحين حاول أربعة من الشباب إنقاذه تم قنصهم الواحد تلو الآخر ولم يستطع أحد الاقتراب منهم".
يواصل (ب، هـ) سرد مأساة أهالي حي خور مكسر بالقول: "كثافة النيران وقذائف الدبابات التي أشعلت المنازل ومن ضمنها منزلي ومنزل والدي الذي انتهى تماما، وهذا ربما كان السبب في انسحاب المقاومين من الخوار بعد احتراق عشرات المنازل بقذائف الدبابات"، "وشهدت أمس خور مكسر نزوحا جماعيا للأسر حتى أن بعض الأسر نزحت سيرا على الأقدام من داخل خور مكسر".
ويضيف "مأساة فوق مأساة وألم يزداد حين تعلم أنه تم إعدام شباب من جيراني لم ينزحوا لأنهم تأخروا فتقطعت بهم السبل فدخلوا لهم إلى المنازل وتم ملاحقتهم وإعدامهم داخلها".
وعن الوضع الإنساني يقول (ب، هـ) :"المعاناة في الجانب الإنساني في خور مكسر هي الأشد اتصل بي أحد الإخوة الذي أسأل الله أن يجمعني به على خير وأنه لا يجد ما يأكله منذ فتره سوى الفتات من الطعام.
ويقول الصحافي اليمني أنيس منصور، إن أهالي خور مكسر يتعرضون لمجازر وإبادة وتدمير وحرق وحصار مؤكدا أن دبابات ميليشيات الحوثي تدق المنازل بقذائف متوالية، وإن ثلاث نساء وطفلين ومسنا قتلوا حرقا بعد محاصرتهم من قبل النيران التي اشتعلت بإحدى الشقق بعمارة سكنية أمام كلية الآداب في حي الخور جراء قصفه بالدبابات، يأتي ذلك بالتزامن مع حديث وسائل الإعلام اليمنية عن أوامر من زعيم الميليشات عبدالملك الحوثي باقتحام منطقة التواهي والسيطرة على خور مكسر. وتتحدث بعض المصادر المحلية في عدن عن وفاة أكثر من 30 شخصا غرقا في البحر من السكان الذين أجبروا على مغادرة مساكنهم والفارين من جحيم الحرب والمجازر نحو جيبوتي. فيما ترتكب فظائع في المدينة بعيدا عن عدسات الكاميرات. وتشهد مدينة عدن موجات نزوح واسعة تحت ضغط قصف القوات الموالية للرئيس المخلوع وميليشيا الحوثي مناطق عدة، أبرزها كريتر وخور مكسر والمعلا ودار سعد، ويلجأ البعض إلى مناطق أخرى في عدن أكثر أمنا كالبريقة والمنصورة، في حين اتجه آخرون إلى محافظات أخرى مجاورة مثل أبين ولحج وحضرموت، بينما فضل أكثر من 25 ألفا الإبحار إلى جيبوتي.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الثلاثاء إن عدد النازحين بسبب القتال في اليمن تضاعف إلى 300 ألف نازح, في وقت تدهورت فيه الخدمات الأساسية بمعظم المناطق اليمنية.
من جانبه، قال مصدر في المقاومة الشعبية بتعز لـ"الاقتصادية" إن طيران التحالف نفذ عملية إنزال مظلي لكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر لدعم المقاومة الشعبية في عدد من مناطق وأحياء المدينة.
وأكد المصدر أن عملية الإنزال تمت في عدد من الأحياء منها المسبح ووادي القاضي والمغتربين والستين، مشيرا إلى أن هذه الدفعة من الأسلحة أنزلت وفق تعليمات وتواصل مسبق مع قادة عسكريين بالتوقيت وبالأماكن المحددة
وأوضح أن جميعها سلمت إلى العميد عدنان الحمادي، قائد اللواء 35 مدرع، وسيتم تسليمها لجنود مدربين موزعين على جبهات القتال وفق كشوفات.
وعن نوعية الأسلحة أوضح أنها عبارة عن قناصات مزودة بمناظير ليلية، وصواريخ أرض أرض تحمل على الكتف وأجهزة اتصالات بمنظومات حديثة مرتبطة بالأقمار الصناعية، وأجهزة تحديد الأهداف بواسطة حرارة الأجسام، أسلحة مضادة للدروع، أسلحة تدمير الأهداف بالليزر.
وتشهد مدينة تعز -كبرى المحافظات اليمنية- وعدد من المحافظات اليمنية اشتباكات عنيفة بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي الذين تساندهم قوات الرئيس المخلوع.

الأكثر قراءة