البيت الأبيض: انتقال قوات التحالف من مرحلة العمل العسكري في اليمن يتيح الفرصة للمفاوضات
قال البيت الأبيض أمس إن انتقال قوات التحالف من مرحلة التحركات العسكرية في اليمن إلى عملية "إعادة الأمل" يتيح الفرصة للمفاوضات.
وأضاف إريك شولتز المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين أنه لن يكون هناك حل عسكري للمشاكل في اليمن، ودعا إلى استئناف المفاوضات التي تشمل جميع الأطراف.
كما رحبت الولايات المتحدة أمس بقرار تحالف "عاصفة الحزم"، إنهاء العمليات العسكرية، معربة عن تطلعها لاستئناف المفاوضات بين جميع الأطراف، ومثنية في الوقت ذاته على قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بتخصيص مبلغ 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة في اليمن.
وقالت برناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في بيان صحفي أمس إن "الولايات المتحدة ترحب بقرار حكومة المملكة العربية السعودية وشركائها في التحالف بإنهاء عملية عاصفة الحزم في اليمن"، معربة عن أملها في التحول من العمليات العسكرية إلى الاستئناف غير المشروط والسريع للمفاوضات لجميع الأطراف.
وأوضحت أن هذه المفاوضات "ستسمح لليمن باستئناف العملية الانتقالية السياسية الشاملة على النحو المتوخى في مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، ونتائج الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، معربة عن أملها باستمرار الأمم المتحدة في تأدية دور حيوي في تسهيل المحادثات السياسية، وتطلع بلادها إلى إعلان الأمم المتحدة عن مقر عقد المحادثات في المستقبل القريب جدًا".
وأضافت "نحث وبقوة جميع الأطراف اليمنية وبشكل خاص الحوثيين ومؤيديهم على اغتنام هذه الفرصة للعودة إلى هذه المفاوضات كجزء من الحوار السياسي، فقد سعى الشعب اليمني بشجاعة وعزم من أجل الانتقال السياسي الديمقراطي، ولذلك فالشعب اليمني يستحق الفرصة لإجراء نقاش سلمي حول الدستور الجديد والمشاركة في استفتاء موثوق وآمن على الدستور والتصويت في انتخابات وطنية حرة ونزيهة".
وقالت ميهان "نثني على التزام الملك سلمان بن عبد العزيز بتوفير مبلغ 274 مليون دولار في مجال الإغاثة الإنسانية الطارئة في اليمن. ونؤيد أيضا بقوة التزام حكومة المملكة العربية السعودية وشركائها في التحالف، في تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية والطبية للنازحين والجرحى بسبب القتال. ونتطلع إلى هذا التحول من عملية عاصفة الحزم إلى الزيادة الكبيرة في الفرص المتاحة للمنظمات الإنسانية الدولية واليمنية في الوصول وتقديم المساعدة للشعب اليمني".
وجددت تأكيد الولايات المتحدة على "واجبات جميع الدول في الالتزام بأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم الذي يحظر توريد الأسلحة أو غيرها من المواد ذات الصلة لميليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وابنه وأولئك الذين يعملون في نفس التوجه، وستواصل الولايات المتحدة دعم الجهود الرامية إلى بناء تعاون دولي يسعى إلى منع انتهاكات هذا القرار، بما في ذلك تعزيز الرصد البحري والتفتيش من قبل الشركاء الدوليين".
وخلصت المتحدثة في البيان إلى القول "سنواصل من كثب رصد التهديدات الإرهابية التي يشكلها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعطيل التهديدات المستمرة والوشيكة الوقوع للولايات المتحدة ومواطنينا. وقد سعت القاعدة في جزيرة العرب وإرهابيون آخرون للاستفادة من تدهور الوضع السياسي والأمني في اليمن. ونحن نعتقد بقوة أن في مصلحة الشعب اليمني التوحد لمواجهة التهديد الإرهابي المشترك لبلدهم".
من جانبهم، أوضح عدد من المحللين السياسيين أن عملية "عاصفة الحزم" التي جاءت لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيات الحوثي وأعوانهم قد انتهت من الناحية العسكرية لتتيح المجال نحو بدء مرحلة "إعادة الأمل" المعنية بتقديم المساعدات للمتضررين في اليمن، داعين إلى إعادة تأهيل اليمن اقتصاديًا واستراتيجيًا واجتماعيًا، واحتوائه ضمن السياق السياسي العربي، لكي لا تتاح فرصة أخرى لأي تدخل خارجي يثير الفوضى فيه، ويشكل تهديدًا لأمن المنطقة.
وأكد المحللون خلال نقاش سياسي نظمته الجمعية السعودية للعلوم السياسية في مقر كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود أمس، بعنوان "الأبعاد السياسية والاستراتيجية لعاصفة الحزم" أن المرحلة القادمة لليمن مرحلة صعبة تتطلب فيها الأوضاع إغاثة المتضررين فيه من حرب الحوثيين، وإعادة إعماره من جديد، وتأمينه من أي تدخلات خارجية تضر به وبالأمة العربية، مع السعي إلى إيجاد أبعاد سياسية جديدة لدعم العلاقات بين اليمن ودول الخليج العربي، وتطويرها في مختلف المجالات، فضلاً عن تحفيز الشعب اليمني للقيام بدوره في النهوض بالبلاد، والتفكير في كيان الوطن بالكامل دون تجزئته.
ففي ورقة بعنوان "الأهمية الاستراتيجية لليمن" تناول الدكتور خالد العلي من معهد الدراسات الدبلوماسية، أهمية اليمن بالنسبة لدول الخليج العربي ودول المنطقة العربية من الناحية الجغرافية والاقتصادية والسياسية، مبينًا أن اليمن الذي يقع على مساحة تقدر بـ 528 ألف كيلو متر مربع، تغلب عليه الصفة القبلية متنوعة القدرات والإمكانيات والمرجعيات مشكلة ما نسبته 85 في المائة من السكان الذين يبلغ عددهم أكثر من 24 مليون نسمة، الأمر الذي أسهم في انتشار السلاح بين هذه القبائل بما يقدر بنحو 60 مليون قطعة سلاح، وعدّت ثاني دولة في العالم بعد الولايات المتحدة في امتلاك الأفراد فيها للسلاح.
وأكد جمال أمين همام المختص في الشؤون الخليجية في مركز الخليج للأبحاث أن إعلان البدء في عملية إعادة الأمل يؤكد أن المملكة العربية السعودية وقوات التحالف تتحرك وفقاً لقرارات مدروسة وحكمة ورؤية داعمة للحق وقادرة على تثبيته وأنها تتحمل مسؤولية تجاه حفظ استقرار اليمن وأمنه وحماية الشعب اليمني الشقيق.
وأشار إلى أن أمر خادم الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتخصيص مبلغ 274 مليون دولار لتقديم المساعدات للشعب اليمني عبر الأمم المتحدة خير دليل على ذلك، لافتاً الانتباه إلى أن "عاصفة الحزم" لم تعتبر الحرب غاية وهدفا بل وسيلة لتحقيق السلام ومقدمة كان لابد منها لترسيخ الاستقرار وإعادة الأمن والاستقرار لليمن وإبعاد شبح التدخل الخارجي والحرب الأهلية عن جارتها.
وأفاد أن المملكة ليس لها أطماع في دول الجوار أو الرغبة في التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وفي الوقت نفسه عدم السماح للآخرين بالتدخل في شؤونها وشؤون المنطقة. وأكد أيضاً أن المملكة معنية ومهتمة بمساعدة الدول العربية الشقيقة في أزماتها سواء بتقديم الدعم المالي والسياسي والدبلوماسي أو غير ذلك من أشكال الدعم المباشر الذي يأتي في مصلحة الشعوب أولاً وأخيراً.
ورأى همام أن بدء عملية إعادة الأمل يحمل أكثر من دلالة بعد أن تحقق أكثر من هدف، مبيناً أن عاصفة الحزم التي بدأت في السادس والعشرين من مارس الماضي وانتهت أمس ونجحت في تنفيذ 2415 طلعة جوية، أكدت أنها كانت من أجل السلام، وانطلقت من ثوابت المملكة ومعها دول التحالف العربي لدعم الشرعية وعدم السماح للمعتدي أن يظفر بمكافأة.
وأفاد أن "عاصفة الحزم" حققت العديد من الأهداف وعلى مستويات متعددة منها استقلالية القرار السعودي والخليجي، حيث بدأت بقرار سعودي خالص، ووجد هذا القرار التأييد العربي والدولي في وقت قياسي ما يؤكد أهميته وعدالته ومشروعيته وثقل وأهمية المملكة.
كما أثبت قدرة المملكة على التمويه الاستراتيجي وامتلاك عنصر المباغتة وقدرتها على الحشد الدولي ونجاحها الدبلوماسي ما أثمر عن قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي حظي بتأييد 14 دولة دون اعتراض أي دولة.
ولفت همام إلى أن "عاصفة الحزم" أكدت أهمية المضي قدماً نحو الاتحاد الخليجي لمواجهة التحديات والمخاطر المشتركة التي تواجه دول الخليج خاصة في مجالات الدفاع، الأمن، والسياسة الخارجية مشيراً إلى أن الاتحاد الخليجي العربي أصبح ضرورة استراتيجية وليس ترفاً.
وقال "إن عاصفة الحزم التي انطلقت مع بداية الإعلان عن تشكيل قوة عربية مشتركة وانتهت عشية اجتماع رؤساء أركان الجيوش العربية للبدء في النظر بتشكيل هذه القوات، أكدت على ضرورة تشكيلها وربما تطويرها لتكون نواة لجيش عربي مشترك على غرار حلف شمال الأطلسي " الناتو" ليكون درعاً لحماية المنطقة من التدخلات الخارجية".
ونبه الخبير في الشؤون الخليجية في مركز الخليج إلى أن "عاصفة الحزم" أكدت أيضاً ضرورة الاهتمام بالصناعات العسكرية المشتركة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي حيث من الضروري أن تمتلك هذه الدول بما لديها من إمكانيات اقتصادية وعقول بشرية وخبرات متعددة صناعات عسكرية تليق بها، وهذا ما نأمله بعد تشكيل القوات العربية المشتركة.
ودعا الدكتور خالد العلي دول الخليج العربي إلى احتواء اليمن في السياق السياسي أكثر من الجغرافي، إذ يوجد تداخل اجتماعي بين مختلف مكونات المجتمعين اليمني والخليجي، ويشكل مضيق باب المندب بعدا استراتيجيًا لأمن المنطقة العربية وتجارتها، لأنه يعد بوابة لعبور 25 ألف سفينة محملة بمختلف البضائع والسلع النفطية، الغذائية، والصناعية، كما أن اليمن همزة وصل بين القارة الإفريقية ودول الجزيرة العربية، وتقترب من منطقة القرن الإفريقي. وأفاد أن تساهل الحكومة اليمنية في صراعها مع الحوثيين على مر التاريخ أسهم في تطور انتشار ميليشيات الحوثي في مختلف محافظات ومراكز اليمن وتهديد أمن المنطقة بعد أن تخيلت إيران أنها بعد تدخلها السهل في العراق، وسورية، ولبنان، سوف تستطيع التدخل في المملكة عن طريق اليمن من خلال دعم الحوثيين، لكن خيالاتهم خابت بمقابلة "عاصفة الحزم". وحدد الدكتور مرزوق العشير من جامعة نجران، الأسباب الداخلية لحدوث الأزمة اليمنية في ست نقاط هي : تحايل علي عبدالله صالح على مخرجات الحوار الوطني في اليمن والمبادرة الخليجية من أجل الانتقام من منافسيه على السلطة، وتسليمه أجهزة الدولة وجيشها وعتادها للحوثيين حتى انقلبوا على شرعية عبدربه منصور هادي، ودخول إيران في اليمن بعد أن وجدت فراغا سياسيا فيه، ودعمت الحوثيين بناء على التقارب العقدي الذي يجمعهما لتلبية مآربها البغيضة في المنطقة العربية انطلاقًا من اليمن، إضافة إلى ضعف أجهزة الدولة اليمنية، وضعف دور العلماء في توضيح مشروع العنف الذي انتشر في اليمن ضد المؤسسات المدنية، والشعب اليمني. ودعا الدكتور العشير في ورقته بعنوان "الأسباب الداخلية والخارجية للأزمة اليمنية" إلى عدم تجاهل الحوثيين في تركيبة نسيج المجتمع اليمني المقبلة، ودعوتهم للانخراط في المجتمع، ورمي السلاح والمشاركة في نهضة اليمن، حتى لا يكونوا عرضة للإنصات إلى التدخلات الخارجية.