Author

إعادة توازن أسواق النفط لا تزال في المراحل الأولى

|
إن الافتراضات السابقة التي تشير إلى أن التوازن بين العرض والطلب سوف يشدد أسواق النفط الخام ابتداء من منتصف العام وصاعدا هي موضع شك الآن، ذلك أن علامات القوة في الطلب قد تكون مؤقتة في حين أن العرض لا يزال قويا، على حد قول وكالة الطاقة الدولية. تضيف الوكالة في تقريرها الأخير حول آفاق أسواق النفط على المدى القصير الذي صدر يوم الأربعاء الماضي أن العرض قد يكون حتى أقوى إذا ما عادت إيران بصورة كاملة إلى الأسواق، وهذا يعتبر تطورا من شأنه أن يزيد من تأخر أي إعادة توازن محتمل في أساسيات السوق. وحذرت الوكالة من أن التوقعات بدأت تبدو أكثر ضبابية، حيث إن تأثير انخفاض أسعار النفط في العرض والطلب غير واضح المعالم بصورة كاملة بعد، والافتراضات التي في ضوئها افترض قرب حصول التوازن هي في تغير مستمر. في هذا الجانب، لاحظ تقرير الوكالة أن إعادة توازن أسواق النفط لا يزال في المراحل الأولى، وشدد على أن أسواق النفط لا تستجيب لانخفاض الأسعار مثلما فعلت في المرات السابقة: حيث إنه بعد أشهر من عملية إعادة توازن الأسواق من انهيار أسعار النفط، كان من المؤمل أن يكون هناك المزيد من الوضوح بخصوص تأثيرات العرض والطلب. لكن تحذير التقرير من تباطؤ إعادة التوازن للأسواق لا تدعمه أرقامها بالكامل، ذلك أن بيانات الوكالة نفسها لا تزال تشير إلى أن الأسواق سوف تتشدد في النصف الثاني من عام 2015، حيث تبين أرقامها أن الطلب على نفط منظمة أوبك اللازم لتحقيق التوازن في الأسواق سوف يرتفع قليلا في النصف الثاني. في هذا الصدد، يشير التقرير إلى أن "أوبك" يمكن أن تنتج 30.35 مليون برميل في اليوم في النصف الثاني من العام لسد الفجوة بين العرض والطلب، أما بخصوص العام ككل، أبقت الوكالة على توقعاتها السابقة للطلب على نفط المنظمة من دون تغيير عند 29.5 مليون برميل في اليوم. لقد بدأت عملية إعادة التوازن مع قرار منظمة أوبك يوم 27 تشرين الثاني (نوفمبر) بعدم خفض الإنتاج، حيث اختارت المنظمة بدلا من ذلك الحفاظ على حصتها في الأسواق والسماح لأسعار النفط بالانخفاض للتأثير في الإمدادات من خارج "أوبك"، على حد قول التقرير. من ناحية الطلب، ترى الوكالة الآن وجود بعض المصادر غير المتوقعة لقوة الطلب على النفط، لكنها في الوقت نفسه تقول إنها قد لا تكون جميعها مستدامة، حيث إن الطلب تلقى دفعة موسمية من الطقس البارد. وعلاوة على ذلك، تم تنقيح الطلب القوي الذي شهدته الولايات المتحدة في شهر كانون الثاني (يناير) إلى الأسفل، ما يدل على أن المؤشرات السابقة كانت مبالغة في تقدير قوة الطلب. في الوقت نفسه، يعاني الطلب على النفط في بعض البلدان المنتجة، مثل البرازيل ونيجيريا من آثار انخفاض عائدات النفط وعوامل أخرى. في الوقت الحاضر، وكالة الطاقة الدولية غير متأكدة من إشارات الطلب الحالية: هل يجب أن ينظر إليها على أنها علامة على أن الطلب يستجيب لانخفاض الأسعار وسوف يكون أكثر قوة مما كان متوقعا، أو أنه حالة استثنائية مؤقتة من شأنها أن تؤدي إلى تجدد ضعف الطلب في وقت لاحق؟ لكن مع ذلك، ترى الوكالة أن الطلب العالمي على النفط سوف يرتفع بنحو 90 ألف برميل في اليوم فوق توقعاتها السابقة، على أساس سنوي تتوقع الآن أن ينمو الطلب في المتوسط بنحو 1.1 مليون برميل في اليوم ليصل إلى 93.6 مليون برميل في اليوم نتيجة لبرودة الطقس واقتصاد عالمي أقوى. وترى الوكالة أن استمرار قوة الإمدادات من خارج دول "أوبك" في ظل انخفاض أسعار النفط عقد المشهد أكثر. ما يجعل التوقعات أكثر غموضا هو إذا ما توصلت إيران إلى اتفاق نهائي بخصوص برنامجها النووي من القوى العالمية، على الرغم من أن هناك شكوكا كبيرة حول نتائج المباحثات وتوقيت رفع العقوبات. لكن زيادة الصادرات الإيرانية أصبحت إمكانية حقيقية، على حد قول التقرير، مشيرا إلى أن إيران قد ترفع الإنتاج فورا في حالة رفع العقوبات من الحقول الحالية ومن الخزانات البحرية العائمة التي تحوي 30 مليون برميل أو نحو ذلك. في الواقع العودة المحتملة لإيران قد شجعت بالفعل بعض المنتجين في الشرق الأوسط على زيادة الإنتاج لرفع حصتهم في الأسواق قبل عودة إيران المحتملة، على حد قول الوكالة. ولاحظ تقرير الوكالة أن الإمدادات النفطية لا تزال قوية، وارتفعت بنحو 3.5 مليون برميل في اليوم في شهر آذار (مارس) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من عام 2014، مدعومة بارتفاع الإنتاج من دول "أوبك" ومن خارجها على حد سواء. وعلى المدى القصير، حذر التقرير من أن الأسواق قد تشهد بعض الضعف، حيث إن قوة أسواق المنتجات أخيرا كانت جزئيا نتيجة قيام الصين بشراء منتجات للتخزين، في حين أن بدء موسم صيانة المصافي في آسيا على وشك إزالة إحدى كبريات دعائم أسواق النفط الخام.
إنشرها