هيلاري كلينتون في عين عاصفة تلوح في الأفق

هيلاري كلينتون في عين عاصفة تلوح في الأفق

باعتبارها وزيرة الخارجية الأمريكية، تمتعت السناتور الديمقراطي السابق عن نيويورك هيلاري بأعلى التقييمات من أي شخصية أخرى في الولايات المتحدة، كما أن شعبيتها في الخارج لقيت التقدير ذاته، بسبب كرم الأخلاق الذي أظهرته حين دفنت الأحقاد مع باراك أوباما. يبدي الأمريكيون إعجابهم أكثر بالسياسيين الذين يبدو أنهم فوق السياسة، ولقد كان لدى كلينتون شيء من هذا القبيل.
من ثم استقالت كوزيرة للخارجية (لتستعد لمحاولتها دخول البيت الأبيض مرة ثانية)، لكنها بدأت تفقد الارتفاع منذ ذلك الحين. مشاعر القلق بين الديمقراطيين هي أن متاعبها مجرد نذر لما هو آت. هم في الغالب على حق.
بشكل مشابه تقريبا لكل "فضيحة" لعائلة كلينتون، ليست هناك أهمية ذاتية للتسريبات التي أفادت بأن كلينتون استخدمت حسابا خاصا لرسائلها الرسمية في البريد الإلكتروني.
إن اكتشاف أنها كانت توجه مراسلاتها الحكومية من خلال مُلقّم شخصي يعد نوعا من الفضائح التي تحدث هزة في واشنطن، لكنه بالكاد ما يؤدي إلى ما هو أكثر من ذلك.
من تحقيقات "وايت ووتر" خلال فترة رئاسة بيل كلينتون في التسعينيات حتى الخلافات حول اغتيالات بنغازي لأربعة من الدبلوماسيين الأمريكيين في عام 2012، ظل الدليل الدامغ خارج المتناول تماما.
الفشل في العثور على دليل دامغ هو السبب وراء تشتت اتباع مدعي "وايت ووتر" وفي قضية كلينتون مع مونيكا لونسكي، ويعتبر أيضا المسار الذي تعثر فيه تحقيق بنغازي على ملقم كلينتون في بيتها.
مع عائلة كلينتون، هنالك دائما بعض التستر في انتظار أن يتم كشفه. قرابة ربع قرن من التحقيقات – من ليتل روك إلى واشنطن- أخفقت في إظهار ذلك. مع ذلك، هنالك أيضا مزيد من "الخفايا" أكثر مما تراه العين.
كان سلوك كلينتون فنيا ضمن القانون في استخدامها حسابا خاصا. من الممكن أن ملقمها في المنزل كان آمنا أكثر من نظام وزارة الخارجية الذي يسهل اختراقه. لا يهم أي من هذه الأمور. بالنسبة لأعداء كلينتون، يمثل ذلك حقيقة وجود كنز من الرسائل الإلكترونية الخاصة يعد بمنزلة دعوة للتآمر، وتعد أيضا مثالا يوضح كيف أنها كانت تلعب بحسب قواعد مختلفة.
حتى الرئيس أوباما يستخدم البريد الإلكتروني الرسمي. من غير المرجح أن يستسلم مطاردو كلينتون حتى يتم استدعاء كل واحدة من رسائل بريدها الإلكتروني.
"الترتيب الداخلي" يسلط الضوء على ثلاث مشكلات كبيرة تواجه كلينتون.
أولاها، أن الحزب الديمقراطي يعاني إجهاد كلينتون. نظرا لعدم وجود بدائل مثيرة، ليس لدى الديمقراطيين خيار سوى التعلق بها في السراء والضراء.
قد يأخذ البعض هذا الكلام حرفيا. إن النقيض مع الملعب الجمهوري، الذي يعد في الأصل مزدحما بالأسماء، يبدو صارخا. قد تكون الآن لحظة جيدة لموهبة غير معروفة من ولاية إيلينوي باسم أوسط إسلامي (باراك حسين أوباما) أن يحقق نجاحا ساحقا بين الديمقراطيين.
على أن ذلك ليس من المرجح أن يحدث مرتين. حتى بين المؤيدين الأكثر ولاء لكلينتون، فإن المزاج العام هو التصميم القاتم. هم يسعون للمحاكمة من خلال التعذيب ولا يبحثون عن تاج.
ثانيتها، تعمل كلينتون ضد نفسها، وهذا أسوأ ما في العالمين. يكون أفراد عائلة كلينتون في أفضل حالاتهم، وهم في أحلك لحظات المواجهة وظهورهم إلى الحائط. جاءت لحظة حملة كلينتون الأروع بعد أن تم شطب اسمه في عام 1991 فحسب، لينبعث من جديد باعتباره "الولد العائد" في الانتخابات الأولية في ولاية نيو هامبشاير. لقد كانت المرحلة المثيرة للمشاعر بالنسبة لكلينتون في عام 2008، بعد أن تم قبولها من أوباما، وكانت تحارب من أجل كبريائها.
لقد فازت بولاية بعد ولاية، رغم أن ذلك كان أصلا بعد فوات الأوان. هذه المرة، لا تواجه كلينتون أي منافس معقول. مرة أخرى تكون هي "المرشح الذي لا مفر منه" بكل التوقعات الضخمة التي تصاحب ذلك. إذا فشلت في الفوز بكل انتخابات أولية بشكل مقنع، فإن أسماك القرش ستشتم رائحة الدم بسرعة.
ثالثتها، عدم ثقة كلينتون بالإعلام يحقق ذاته بذاته. لديها أسباب أصيلة لتشعر بالقلق. حين كانت السيدة الأولى، كانت هدفا للصحافة البذيئة أكثر من أية شخصية أخرى في الذاكرة الحديثة.
كُتِبت مؤلفات متهورة رعناء تحدثت عن قيام آل كلينتون باغتيال أعدائهم ونهب الأموال العامة، لكن كان هناك أيضا الكثير من الصحافة النقدية المشروعة.
وبعد مرور فترة من الزمن، لم يعد يبدو على كلينتون أنها تعرف الفرق بين الأنواع المختلفة من الصحافة. أحاطت جهودها لإصلاح الرعاية الصحية بنوع من السرية، ثم رأت المنتَج وهو يؤخذ من قبل أشخاص يفترض أنهم من حلفائها.
واستخلصت العبرة الخاطئة. انسحبت كلينتون حتى أكثر من قبل داخل دائرة الثقة الخاصة بها. وأدى التصاقها بالموالين الذين لا يتزحزحون إلى تفكيك حملتها في عام 2008. من الممكن أن تفعل ذلك مرة أخرى. إذا أرادت الفوز، لا بد لها أن تنخرط مع الناس بشكل مفتوح، بما في ذلك وسائل الإعلام.
هناك علامات على أنها عملت على تصحيح بعض عاداتها السيئة. إذا اختارت جون بوديستا ليكون رئيس حملتها الانتخابية، وهو أمر من المتوقع أن تفعله، فإن هذه ستكون خطوة جيدة.
باعتباره كان مستشار أوباما في فترة ولايته الثانية، ساعد بوديستا على إعادة إطلاق البيت الأبيض الذي أصيب بالأضرار أيضاً، بسبب الاعتماد المفرط على المطلعين المقربين من الرئيس.
فعل الشيء نفسه لكلينتون بعد إدانته بخصوص فضيحة لوينسكي، لكن عليه أن يبذل جهودا أقوى بالنسبة لكلينتون. التسريبات التي نشرتها "نيويورك تايمز"، من أن مؤسسة زوجها "مؤسسة كلينتون" تلقت أموالا من حكومات أجنبية، من أذربيجان إلى قطر، حين كانت وزيرة للخارجية، لا يرجح لها أن تختفي.
كما أن فضيحة "الترتيب الداخلي" عززت من قوتها. الذين يتمنون السوء لكلينتون سينقبون في كل صغيرة وكبيرة في بريدها الإلكتروني، بحثا عن أدلة تشير إلى أنها كانت على علم بهذه التبرعات. وإذا ظهرت أي إشارة، ولو صغيرة بأنها سهلت هذا الأمر، فإنها يمكن أن تكون قاتلة للحملة.
لا نزال على بعد أسابيع من الإطلاق الرسمي لحملة كلينتون، وربما عدة أشهر، لكنها أخذت منذ الآن تواجه عواصف قوية. ليس لدى الديمقراطيين خيار يذكر سوى مجاراتها. يجدر بهم أن يربطوا أحزمة الأمان، وأن يضعوا السماعات على آذانهم. ستكون الشهور الـ 18 المقبلة مليئة بالضجيج.

الأكثر قراءة