الصورة العائلية .. قصة الأسرة الممتدة التي اندثرت

الصورة العائلية .. قصة الأسرة الممتدة التي اندثرت

الصورة العائلية .. قصة الأسرة الممتدة
التي اندثرت

في عصر الهواتف الذكية لا تزال صور العائلة المطبوعة مستمرة، ولا تزال تمثل هدية تذكارية تتعلق بالطريقة التي نمت بها عائلاتنا وتقلصت مع مرور الوقت. هنا، وعلى شبكة الإنترنت، نقوم بتقديم العائلة من خلال عيون المصوّرين وجامعي الصور.
على مكتبي وأنا أكتب هذه المقالة توجد صورة لعائلة كوبر تم التقاطها في جوهانسبرج قبل نحو 100 عام. الرجال يرتدون بدلات، والنساء في أفضل حُلّتهن، والأولاد - أحدهم جدّي الراحل - يرتدون السراويل القصيرة وربطات العنق. لا أحد يبتسم من البالغين. أرادوا أن يظهروا أنهم أشخاص جادّون، مهاجرون تحوّلوا إلى برجوازيين بإمكانهم تحمّل تكلفة مصوّر. لقد تبيّن أن الجهد الذي بذلوه لالتقاط هذه الصورة يستحق كل هذا العناء، فهي الأثر الأكثر وضوحاً الذي تركه بعضهم.
العائلة أمر بشري له طابع عالمي. في كل مجتمع معروف عاش جميع الأشخاص تقريباً مع أقاربهم. وصورة العائلة - وقائع من الحب، والمكانة، والوفاة - تتسم بالعالمية نفسها تقريباً. الصور المعروضة هنا وفي باقي العدد الخاص من "فاينانشيال تايمز" لصور العائلات، التي يمكنك العثور عليها بالكامل عبر الإنترنت على الموقع ft.com/magazine وعلى تطبيق فاينانشيال تايمز، تعرض مشاهد جديدة رائعة من هذا النوع.
مثل صورة عائلة كوبر، ومثل معظم المشاركات على "فيسبوك"، الصور العائلية قبل كل شيء هي دعاية. بعيداً عن الكاميرا، ربما تكون كل عائلة مُختلّة وظيفياً. لقد أخبرتني إحدى الصديقات ذات مرة عن ذكراها المُهيمنة من حياتها العائلية: غسل الأطباق بينما كانت شقيقتها تُنشد لها: "مملة، وسمينة، وقبيحة!". لكن عندما كانت العائلات تقف أمام الكاميرا، تمكنت بطريقة ما أن تبدو سعيدة وغنية. لقد حاول أجدادي التعبير عن الثراء من خلال ارتداء أفضل حُللهم. لكن المشاركات اليوم على "فيسبوك"، غالباً ما يكون الأشخاص في الأماكن التي يختارونها؛ ها نحن في جزر البهاما، أو ها نحن نتناول الطعام في نوبو.
عندما تعرض صورة العائلة، فأنت أيضاً تدعي نوعا آخر من المكانة: "أنا لست وحدي. عائلتي متماسكة". سوزان سونتاج في كتابها "عن الصور"، أشارت إلى أن صور العائلات الممتدة بدأت الظهور في المنازل تماماً عندما كانت الحياة الحديثة المتنقلة تعمل على تقليص العائلة الممتدة إلى "تلك الوحدة الخانقة؛ العائلة التي تتألف فقط من الأب والأم وأولادهما". تضع صور أحفادك على الثلاجة، لأن أحفادك أنفسهم على بُعد رحلة بالطائرة. تكتب سونتاج: "ألبوم صور العائلة بشكل عام هو عن العائلة الممتدة - وغالباً، هذا كل ما تبقى منها". بالمثل، يخلق "فيسبوك" شبكات افتراضية بالكاد موجودة في الحياة الحقيقية.
أظهر الفنان رامبرانت أن الصور ليس من الضرورة أن تعبر عن المكانة، لكن بإمكانها التعبير عن الإنسانية. صور عائلة لاتويا روبي فريزر، الموجودة في زاوية الصورة الخاصة على الإنترنت والتطبيق، تفعل ذلك أيضاً. تعرض عائلة فريزر امرأة عزباء فقيرة، ومريضة ونادراً ما تبتسم. هناك حب يظهر في هذه الصور، لكنه لا يغلب على كل الصور.
الموضوع الضمني الكبير الآخر في صور العائلة هو الوفاة. في هذه الأيام نستخدم كاميرات الهواتف الذكية لمشاركة اللحظات، لمشاركتها على الإنترنت في اللحظة نفسها. ليس واضحاً بعد ما إذا كانت هذه الصور ستدوم. لكن الصور التقليدية للعائلة، تلك الصورة التي تعلقها على جدار حقيقي، هي من أجل الأجيال المقبلة. تقوم بالنقر، ويتحوّل الحاضر إلى تاريخ. وتقوم بالتقاط الصورة من أجل الوقت الذي يكون فيه الأشخاص الذين في الصورة قد تغيروا أو ماتوا، عندما يكون الوعد في وجه الطفل قد تم استهلاكه. (جدّي، الطفل ذو الابتسامة الشقية في صورة عائلة كوبر، نشأ ليصبح قاضيا تم اغتياله). صورة العائلة هي تذكير بالموت.
حفل الزفاف - كما في مجموعة ستيفن جيل من صور شرق لندن - هو اللحظة التي يتم فيها إنشاء العائلة. من وقت الزفاف فصاعداً، تصبح العائلة فانية من البشر. العائلة هي بمثابة خلق الإنسان الأكثر مواساة، لكن أيضاً الأكثر هشاشة بشكل مخيف. حيث سيتم تدميرها إما بالطلاق، أو الوفاة، أو في أحسن الأحوال، رحيل الأبناء. في النهاية كل ما يبقى هو شخص كبير في السن يموت وحيداً في غرفة مليئة بالصور المُعلّقة لعائلة لم تعُد موجودة.
صور نيكولاس نيكسون لزوجته وأخواتها الثلاث، التي كان يلتقطها كل سنة لمدة 40 عاما، تعتبر مثل قنبلة موقوتة. يسير الزمن عبر الأعمار والأزياء، ومع ذلك في هذه الصور هناك جوهر لا يتغير في كل امرأة. لكن هذه رحلة باتجاه واحد: صور نيكسون القليلة الأخيرة تبين مدى التهدم الذي يمكن أن يلحق بك حتى من الحياة الجيدة.
مع ذلك، كما يقول المصور الفرنسي، ألان تيندرو، تنشئة عائلة عادية هي رحلة غير عادية. قبل فترة أتى أطفالي إلى البيت ومعهم صورهم المدرسية. في إحدى الصور، يقف الثلاثة معا، وجوههم جميلة ومبتسمة ولا يرتدون ملابس كرة القدم. أتمنى أن يكون هذا الوضع هو الذي سيتذكرهم به أولادهم.

الأكثر قراءة