أمير قطر مفتتحا القمة: مبادرة خادم الحرمين بشأن الاتحاد الخليجي ستظل هدفا ساميا
بدأ قادة ورؤساء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العاصمة القطرية الدوحة قمتهم البارحة بجلسة افتتاحية، ترأس وفد المملكة فيها، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية تليت آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى الشاب حمد مجيغير والفتاة بثينة عليم الله كلمة الشباب الخليجي، أعربا خلالها عن التقدير لقادة دول المجلس على حرصهم على تنمية بلدانهم وخدمة شعوبهم وتعاونهم فيما بينهم لنصرة الأمة في قضاياها.
إثر ذلك أعلن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر - رئيس الدورة الحالية - افتتاح أعمال القمة. وأعرب أمير دولة قطر في كلمة افتتح بها أعمال القمة عن أمله في أن تؤسس القمة الـ 35 لانطلاقة جديدة في العلاقات الخليجية عبر تعزيز روح التآخي والتضامن.
وأكد أمير قطر أن دولة قطر ستكون كعهدها مساهما فعالا في تعميق هذه العلاقات وتعزيز التعاون والتكامل في جميع المجالات التي تعود بالخير على الدول والشعوب الخليجية.
وقال: "إنه لا شك أن الاتحاد الخليجي الذي تضمنته مبادرة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود سيظل هدفا ساميا، ومنه إلى الاتحاد العربي بإذن الله، غير أن الإيمان بهذا الهدف والإصرار على تحقيقه يتطلبان منا أن ندرك أن خير سبيل لتحويله إلى واقع هو التحرك بخطوات تدريجية قائمة على تكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين شعوبنا، ولكنها واثقة وتؤدي في النهاية إلى تحقيق أهدافنا ومصالحنا المشتركة. رصيدنا في هذا إنجازات مسجلة في صفحات التاريخ في ظل ظروف لم تكن سهلة ميسورة .
وأضاف: "لقد آن الأوان أن يحدّد مجلس التعاون دوره وموقعه في الخريطة السياسية للإقليم بناء على مكانة دولِه الاستراتيجية ومقدراتها ومصالحها المشتركة. فالدول الكبرى لا تنتظر، ولا تصغي للمناشدات الأخلاقية. وهي كما يبدو تتعامل بلغة المصالح فقط، ومع من يثبت قوته على الأرض في الإقليم".
وتناول أمير دولة قطر في كلمته مظاهر العدوان وإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية عبر الأنشطة الاستيطانية والاعتداء على حرمة المسجد الأقصى وإجراءات تغيير هوية القدس وتدنيس مقدساته، وممارساتها العدائية المنافية لأبسط الأعراف الدولية.
ودعا خلال كلمته العالمين العربي والإسلامي إلى اتخاذ وقفة جادة وقوية للدفاع عن مقدسات الأمة، ولا سيما في القدس، والذود عنها وتقديم العون اللازم لدعم جهود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
وقال إن استمرار المجتمع الدولي في الوقوف متفرّجا وصامتا إزاء الممارسات الإسرائيلية غير المشروعة يعد جريمة كبرى بحق الإنسانية، داعيا المجتمع الدولي خاصة الأطراف الفاعلة في عملية السلام أن تفرض على إسرائيل الإذعان لجهود السلام والتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتفضي إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بالشأن السوري أوضح الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن من أهم أسباب تفاقم الأزمة السورية غياب رؤية واضحة لدى القوى المؤثرة في المجتمع الدولي لحل هذه الأزمة، وإصابة النظام الدولي بعُطْب حقيقي هو ازدواجية معايير الشرعية الدولية.
وأشار إلى فشل مجلس الأمن في حماية المدنيين من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، في مقابل إصرار النظام السوري على رفض الحل السياسي واعتماد الحل العسكري الشامل. ودعا أمير قطر المجتمع الدولي مجدّدا إلى التوافق الدولي والإقليمي، وأن يتخذ مجلس الأمن القرار اللازم لوقف أعمال القتل والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام السوري، وتحقيق الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري. وأشار إلى الأوضاع الراهنة في كل من ليبيا واليمن والعراق، مؤكدا ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل مساعدة تلك الدول على تجاوز ظروفها الراهنة، معربا عن أمله في توافق الحكومات والقوى السياسية في تلك الدول على مصالحات وطنية تضع حدا لأعمال العنف وتلبي تطلعات شعوبها في الأمن والاستقرار.
وأوضح أن ظاهرة الإرهاب التي يشهدها عالمنا المعاصر، ومنطقتنا العربية على نحو خاص، وما تشكّله من تحدٍ خطير للأمن والاستقرار والتنمية تستدعي منا، ومن المجتمع الدولي بشكل عام، تكثيف الجهد الجماعي واتخاذ التدابير اللازمة كافة لمواجهتها واستئصال جذورها وعلاج أسبابها الحقيقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، داعيا إلى بذل الجهود لتجنيب المجتمعات العربية آفة التطرف والإرهاب بالوقاية قبل العلاج.
إثر ذلك ألقى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت كلمة أكد فيها أن القلق المشروع والتخوف المبرر على مسيرة مجلس التعاون دفع إلى العمل بكل الجد والاجتهاد للحفاظ على هذه المسيرة في ظل ظروف إقليمية بالغة الدقة.
وقال: "ينعقد اجتماع مجلسنا اليوم بعد عام من انعقاد آخر دورة له في دولة الكويت، عشنا خلاله قلقا وتخوفا على مسيرة مجلسنا المباركة دفعنا لنعمل بكل الجد والاجتهاد للحفاظ على هذه المسيرة وصيانة مكاسبها في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الدقة جعلت من قلقنا مشروعا وتخوفنا مبررا وانعكست على مسيرة عملنا المشترك وأدخلته في حسابات كادت أن تعصف به وتنال من كياننا الخليجي الذي بات يمثل الأمل والرجاء لأبناء دول المجلس". وأضاف: "إننا نؤمن أن الاختلاف في وجهات النظر وتباينها أمر طبيعي، بل ومطلوب ولا يدعو إلى الجزع على ألا نصل بذلك إلى مرحلة الخلاف والتشاحن والقطيعة التي ستقود بلا شك إلى إضعافنا وتراجع قدراتنا في الحفاظ على ما تحقق لنا من إنجازات .. ومما يدعونا إلى البعد عن الخلاف والقطيعة أننا نملك مقومات اللحمة والوحدة وبما يفوق كثيرا عناصر القطيعة؛ وبهذه المقومات وبالتواصل والحوار الأخوي بيننا سنكون قادرين بعون الله أن نهزم أي خلاف ونسمو بإخوّتنا التي تجسّد المصير الواحد والتاريخ المشترك".
وأشار أمير الكويت إلى أن الحديث عن الاتحاد بين دول المجلس وحتميته يمثل هدفا وأملا يتطلع إليه أبناء دول المجلس ويأتي انسجاما مع النظام الأساسي وتفعيلا لقرارات العمل المشترك، مؤكدا أنه يتوجب العمل على أيجاد أساس صلب يمهد للدخول إلى مرحلة الاتحاد أساسا يجسد تجاوز الخلافات ويحصن هذه التجربة، داعيا إلى التفكير في تشكيل لجنة رفيعة المستوى تضم اختصاصيين تتولى استكمال دراسة موضوع الاتحاد من مختلف جوانبه وترفع مرئياتها ومقترحاتها بالصيغة المثلى للاتحاد إلى المجلس الوزاري ومن ثم ترفع للمجلس الأعلى.
وبشأن البرنامج النووي الإيراني، أشار أمير دولة الكويت إلى أن المفاوضات حوله لا تزال تمضي دون الوصول إلى اتفاق نهائي يطمئن العالم بطبيعة ذلك البرنامج ويمكّن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ممارسة إجراءاتها في مراقبة المفاعلات الإيرانية، داعيا إيران إلى ضرورة الالتزام التام بالتعاون مع المجتمع الدولي ولا سيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتطبيق أعلى معايير الأمن والسلامة في منشآتها النووية لتبديد مخاوف دول الجوار.
وحول الوضع في ليبيا، أوضح الشيخ صباح أن ما تشهده ليبيا من نزاع مسلح بين الفرقاء يدعو للقلق لما يشكله من بؤرة أخرى تهدد الأمن والاستقرار، داعيا إلى ضرورة الإسراع في وقف فوري لأعمال العنف وإجراء مصالحة وطنية عبر حوار يتم فيه تغليب العقل.
من جهته نقل الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للقادة تحيات وتقدير مواطني دول مجلس التعاون الذين سعدت قلوبهم واطمأنت نفوسهم واستبشروا خيرا بنتائج الاجتماع المبارك لأصحاب الجلالة والسمو الذي عقد بمدينة الرياض في السادس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وما تم التوصل فيه من اتفاق الرياض التكميلي والنتائج الإيجابية التي برهنت على وحدة المجلس وتماسكه وقوته وحرص القادة الأكيد على ترسيخ روح التعاون الصادق والتضامن الوثيق بما يحصن دول المجلس من الأخطار المحدقة به في ظل الظروف البالغة الدقة التي تمر بها المنطقة.
عقب ذلك كرّم قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الجلسة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة بمناسبة منح منظمة الأمم المتحدة له لقب "قائد إنساني" وبتسمية دولة الكويت "مركزا للعمل الإنساني" ، وذلك لجهوده المتميزة في العمل الإنساني الدولي.
بعد ذلك ترأس الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر جلسة العمل المغلقة.