هادمة أعمال
تعتبر رسالة المنشأة الحكومية أو الخاصة هي العنوان الرئيس لقراءة الناس وإدراكها لهذه المنشأة وأهدافها ودورها في المجال الذي تعمل فيه. من هنا تبرز أهمية صياغة الرسالة أو الرؤية لكل مؤسسة أو منشأة حتى تُفهم من قبل المتلقي بالشكل الصحيح، وحتى يتعامل معها المتلقي بالشكل الصحيح.
في بداية طرح برامج رعاية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في بنك التسليف والادخار، كانت رسالة البنك واضحة في أن هدف البرنامج هو التمويل فقط، وقد راعى البنك في هذا فترة السماح – عامين - لتناسب وضع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولفترة تسديد تستمر لثماني سنوات دون فوائد.
أما عندما تقوم إحدى الشركات الوطنية باستحداث شركة هدفها رعاية رواد الأعمال ماليا ولوجستيا – بحسب رسالتها – فإن رائد الأعمال الباحث عن جهة ترعاه سيتوجه لها لأنها الجهة التي ستقدم له ما يحتاج إليه أي رائد أعمال من مال ودعم وتفهم لظروف المنشآت الصغيرة التي تكون في بدايتها. المصيبة والطامة الكبرى هي أن حقيقة وواقع هذه الشركة مختلف تماما عن رسالتها التي خاطبت بها جمهورها. فهذه الشركة تحولت بقدرة قادر لمجرد بنك هدفه الإقراض وجني أرباح هذه القروض، فبدلا من استقطاب الشركة لمتخصصين في ريادة الأعمال، قامت باستقطاب موظفي المصارف، وقام هؤلاء بدورهم بتطبيق ما تعلموه في المصارف التي كانوا يعملون فيها في شركة ريادة الأعمال هذه بحذافيره.
تحدثت خلال الأسبوع المنصرم مع مجموعة من موظفي هذه الشركة حول موضوع ريادة الأعمال والظروف والمصاعب التي تواجه رواد الأعمال في المملكة، لأكتشف أن لا أحد من هؤلاء له خلفية ولو بسيطة عن مفهوم ريادة الأعمال أو عن العوائق التي تعوق نجاح رواد الأعمال في المملكة، كنت أتحدث لهم عن إحصائيات بسيطة مثل معدل الفشل في المنشآت المبتدئة الذي يبلغ 50 في المائة في أول ثلاث سنوات، ويبلغ 40 في المائة في السنوات الخمس التي تليها، إلا أنني تفاجأت من رد أحدهم أن مهمتهم الوحيدة بعد التمويل هي تحصيل القروض دونما النظر إلى نجاح المشروع من عدمه! وضرب أحدهم مثالا على ما يعتبره إنجازا لهم أن أحد عملائهم استغرق بناء مصنعه سنة كاملة، وأجبروه على البدء بالدفع حتى قبل التشغيل!
إن ما تفعله هذه الشركة لا يختلف بأي حال من الأحوال عن عمليات التضليل التي تقوم بها بعض الشركات الصفراء، لأنها تقوم باستدراج رواد أعمال هدفهم بناء شركات عبر عبارات جذابة من قبيل (تقديم أفضل البرامج التدريبية والأدوات التي توجه رائد الأعمال وتكسبه الخبرة حتى يحقق هدفه المنشود) فيأتيهم رائد الأعمال وكله أمل في أن هذه الشركة هي الجهة التي ستساعده في تحقيق أحلامه، ليكتشف بعد مدة أن هذه الشركة هي بداية النهاية لمشروعه. أحد موظفي شركة ريادة الأعمال هذه قال لي إن رواد الأعمال يفتقدون كثيرا من المهارات وبعضهم يتخبط بشكل دائم، فقلت له وماذا تسمي تغييركم لهيكلكم الإداري أكثر من ثلاث مرات خلال عامين! وماذا تسمي تغييركم لرئيس الشركة مرتين في عام واحد؟ الآن عرفت لماذا فشل بعض رواد أعمالكم، فالسبب يكمن فيكم لا فيهم، وفاقد الشيء لا يعطيه.