السعوديون صوَّتوا ضد الطائفية
كتبنا هنا عن الشباب والإرهاب؛ حينما ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خطابا في مجلسه الكريم، تحدث لأهل العلم الحاضرين عنده في ذلك اليوم، متهما بعض العلماء بالكسل، لأنهم لم يفعلوا كل ما يجب من نصح الشباب بعدم الانخراط في الإرهاب، والسفر إلى المناطق الساخنة، والانخراط في "داعش"، و"القاعدة" وغيرهما، وهي ظاهرة معاصرة لا تخص السعودية وحدها، بل تعاني الظاهرة أوروبا، وأمريكا، فالإرهاب وباء العصر.
هذه المرة، وبعد حادثة الأحساء المؤسفة التي مات فيها رجال وأطفال مسالمون في حسينية للتذكر والعزاء لسيرة سبط الرسول الحسين بن علي، فوجدهم الإرهاب هدفا سهلا ليضرب بجبن، ويفر، وبعدها بسويعات تطيح قوات الأمن بالخلية الإرهابية بعد أن يقتل المجرمون اثنين من رجال الأمن، فيعم الحزن المملكة وتشجب العمل المشين هيئة كبار العلماء، وهي أعلى سلطة دينية في المملكة، ثم يشجبه كل المواطنين السعوديين من المذاهب كافة.
الذي حدث في المملكة الأسبوع الماضي هو تواصل ذكرى العزاء بسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي، ليعم الوطن بشهداء سقطوا بيد مجرمة، بعضهم مواطنون وبعضهم رجال أمن، ولتوقف قنوات نعقت بالطائفية وتفريق المجتمع؛ ليكتشف الجميع أنهم سنة، وشيعة ضد الاعتداء على أي مواطن أو رجل أمن، وليطب الجميع بالوقوف صفا واحدا في وجه الإجرام الإرهابي، ثم يتحدث الكتّاب والمغردون في التواصل الاجتماعي بصوت واحد برفض الإرهاب وأهله.
الحادثة أثبتت اللحمة الوطنية وكانت تصويتا على رفض كل ما يخل بأمن الوطن، وكانت صوتا ضد الطائفية والعنصرية والتعصب القبلي والرياضي وكل ما يؤثر في الوحدة وانسجام المجتمع، وفعلا ثبت هذا من الصغار والكبار، ما أفسد خطط من أرادوا الإخلال بالأمن وتعكير الصفو العام بأغراضهم الخبيثة؛ فأحبط الله ما خططوا له بلحمة الوطن وولاء شعبه لقادتهم.
ما بقي هو أن تستغل الحادثة في تعزيز الهوية الوطنية بعمل مواز يستثمر هذا التصويت الجماعي لمصلحة الوطن بحلول عملية تربط منافع المواطن بوطنيته وتؤكدها، وأقول حلولا عملية حتى لا تتحول إلى حادث إعلامي لا يأتي للمواطن بشيء؛ فالمواطن الذي صوت لأمن الوطن وأثبت الولاء بصدق يستحق أن يربط هذا بتأكيد الهوية بالنفع الشخصي زيادة على نفعها المعنوي.