السوق السعودية.. المكانة الإقليمية والعالمية
لا شك في أن الوضعية المتجددة للسوق السعودية للأوراق المالية، ستسهم في دفع الحراك الاقتصادي المحلي والإقليمي في آن معا. فهذه السوق تمثل محورا رئيسا في المنطقة ككل، الأمر الذي يمنحها مزيدا من التأثير الإيجابي. ومع قرار فتح المجال أمام الأجانب للاستثمار فيها، سوف تقدم السوق السعودية نموذجا جديدا، يستند إلى مجموعة من العوامل. في مقدمتها الحجم الهائل لها إقليميا، وتنوعها قياسا بغيرها إقليميا، واستنادها إلى اقتصاد وطني متماسك فيه من الضمانات أكثر مما فيه من المخاطر. وكما لكل خطوة إيجابياتها، هناك أيضاً في السماح بدخول الأجانب مباشرة للسوق السعودية سلبية واحدة تتعلق بأن السوق ستدخل دائرة العوامل الخارجية المؤثرة على العوائد السوقية. وفي كل الأحوال، فإن إيجابية القرار أكبر بكثير من سلبياته.
ومن النقاط الإيجابية فيه، تلك المرتبطة بالمنطقة ككل. ففتح سوق بهذا الحجم أمام الأجانب، سيعزز موقع ومكانة منطقة الخليج على الساحة العالمية. ويرى عديد من الخبراء أن ذلك سيعزز أيضاً التكامل بين الأسواق الخليجية. رغم أن السوق السعودية مرشحة لجذب جانب مهم من الاستثمارات الموجودة في عدد من أسواق المنطقة. لكن المكاسب العامة ستكون كبيرة وذات دلالات بالنسبة للمنطقة كلها. ولا شك في أن هذه الخطوة، ستدفع باتجاه التخفيف المطلوب لحراك المضاربات الاستثمارية، وستنتج شريحة استثمارية فاعلة مستمرة ومستقرة، فضلا عن زيادة عدد المستثمرين أنفسهم، الأمر الذي سيدعم مكانة السوق بصورة أكبر. هذه الخطوة التاريخية بالنسبة للسوق السعودية، ستفتح الآفاق أيضاً أمام وسائل جديدة متطورة في مجال الاستثمار.
قد تتأثر أسواق المنطقة بشكل عام بصورة سلبية في المرحلة الأولى، إذا ما تأكدت التوقعات بقدرة السوق السعودية على جذب استثمارات من هذه الأسواق. ولكن على المدى البعيد ستدر هذه الخطوة "وفقا للخبراء"، الكثير من الفوائد على أسواق المنطقة ككل. دون أن ننسى، أن تحول بورصات قطر ودبي وأبو ظبي إلى أسواق ناشئة على مقياس "مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال" MSCI، يوفر ضمانات لهذه الأسواق بالحفاظ على الاستثمارات، علماً بأن ضمها إلى هذا المقياس لم يحقق لها قفزات كبيرة في أعقاب الضم، بينما حققت السوق السعودية مكاسب كبيرة جدا، بمجرد الإعلان عن صدور القرار بالسماح للأجانب بالاستثمار المباشر. فقد وصلت القيمة السوقية لهذه السوق إلى إجمالي القيم السوقية لـ 12 سوقا عربية، بينها أبو ظبي، الكويت، دبي، مصر، المغرب، عُمان، الأردن، البحرين، لبنان، تونس، فلسطين، وسورية.
ووفق آخر إحصائية، فإن مجموع قيم هذه الأسواق يصل إلى 569.18 مليار دولار، في حين تصل قيمة السوق السعودية إلى 590.68 مليار دولار، أي أنها تزيد بأكثر من 21 مليار دولار، أو ما يوازي 3.78 في المائة. ورغم ذلك، فإن التحول الجديد في السوق السعودية، سيعزز معدلات التكامل بين أسواق المال في المنطقة، ولا سيما الرئيسة منها، إضافة طبعا إلى فاعلية تحرك السيولة فيما بينها. إنها في النهاية تطورات ستسهم في وجود مفاهيم جديدة للحراك المالي الإقليمي، إلى جانب تسريع الخطوات الرامية إلى مزيد من التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي على الصعيد الاقتصادي وغيره من الأصعدة الأخرى. فالاستثمار المباشر في أسواق الأسهم، يزيد تلقائيا عدد المستثمرين، الذي يرفع بالتالي مستوى السيولة، وهو ما يعزز مكانة هذه السوق أو تلك محليا وإقليميا وعالميا.
إن السوق السعودية ستكون جاهزة في مطلع العام المقبل لضمها لمؤشر الأسواق الناشئة. وهذا وحده سيضيف المزيد من القوة والعمق، والتأثير للسوق على مختلف الساحات والأصعدة.