كاسياس.. من بطل إلى «تائه»
قبل أربعة أعوام، مهدت المرونة الساحرة لحارس المرمى الإسباني إيكر كاسياس الطريق أمام منتخب بلاده للفوز بلقب كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا.
والآن، أصبح كاسياس هو العنوان والإعلان المأسوي للمنتخب الإسباني التائه الذي خسر 1/5 أمام نظيره الهولندي في بداية رحلة الدفاع عن اللقب العالمي في بطولة كأس العالم 2014 في البرازيل.
ومثلما ساهم كاسياس في فوز المنتخب بلقب المونديال الماضي، كان اللاعب نفسه أحد أسباب الهزيمة الثقيلة أمام نظيره الهولندي الجمعة الماضي في أولى مباريات المنتخبين في المجموعة الثانية في الدور الأول للمونديال البرازيلي.
وقال كاسياس "إنه وقت الاحتفاظ بالهدوء والتفكير في المباراة التالية أمام منتخب تشيلي، ستكون كالمباريات النهائية.. إنني أول المعتذرين لجماهير الفريق. علينا أن نتقبل أي انتقادات سنواجهها، وأن ننسى ما حدث بأسرع وقت ممكن".
ولم يقتصر الأمر على خسارة حامل اللقب في مدينة سالفادور البرازيلية أمام الفريق نفسه الذي تغلب عليه في نهائي بطولة كأس العالم الماضية، ولكنه مني أيضا بهزيمة ثقيلة 1/5 لتكون هي ثاني أسوأ هزيمة لإسبانيا في تاريخ بطولات كأس العالم بعد الهزيمة 1/6 أمام البرازيل في مونديال 1950 الذي أقيم في البرازيل أيضا.
وارتكب كاسياس أخطاء فادحة في الهدفين الثالث والرابع للمنتخب الهولندي بمباراة الأمس، ولكنه لم يكن الوحيد بالطبع الذي يستحق اللوم على هذه الهزيمة الثقيلة والمهينة التي ستكون لها عواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها الآن.
ولعب كاسياس قائد المنتخب الإسباني دورا بارزا في فوز المنتخب بلقب مونديال 2010، حيث تصدى لضربة جزاء سددها أوسكار كاردوزو نجم باراجواي في مباراة المنتخبين بدور الثمانية، وكانت هذه الضربة في طريقها للإطاحة بالمنتخب الإسباني من البطولة.
وخلال المباراة النهائية أمام هولندا، استغل كاسياس مرونته الفائقة ومد قدمه ببراعة وتصدى لتسديدة رائعة من آريين روبن المنفرد به تماما قبل أقل من نصف ساعة فقط على انتهاء الوقت الأصلي للمباراة.
كان هذا عندما كان كاسياس سدا منيعا في مواجهة منافسي الماتادور الإسباني.
وبداية من دور الـ 16 حتى المباراة النهائية في مونديال 2010 لم يسجل المنتخب الإسباني بقيادة مديره الفني فيسنتي دل بوسكي سوى هدف واحد فقط في كل مباراة، ولكن هذا كان فقط هو ما يحتاج إليه الفريق.
كان الماتادور الإسباني وقتها منتخبا صلدا من الناحية الدفاعية بناء على قدرته على التعامل مع الكرة والاحتفاظ بها.
ولكن هذا الحائط الإسباني سقط في سالفادور أمام الإعصار البرتقالي بفضل هدفين لكل من روبن فان بيرسي وآريين روبن وستيفان دي فري.
ولم يجد كاسياس أي معاونة حقيقية من قلبي الدفاع سيرخيو راموس وجيرارد بيكيه اللذين يفترض أنهما من أفضل اللاعبين في هذا المركز.
ولكن هذا الثنائي لم يقدم أفضل ما لديه في هذه المباراة مثلما كان حال باقي المنتخب بالفعل، فلم يستطع هذا الثنائي أو المنتخب الإسباني بأكمله الحفاظ على الكرة أو السيطرة على مجريات اللعب، بل كانت شباك إسبانيا في طريقها إلى استقبال المزيد من الأهداف في هذه المباراة المثيرة.
وكشف وجه كاسياس، بعد الهدف الخامس، عن الأمر برمته وقبلها، كان خطأ كاسياس في التصدي لإحدى الكرات سببا في تسجيل هولندا هدفها الثالث، كما تسبب خطأ آخر من قدم كاسياس في تهيئة الكرة أمام فان بيرسي لتسجيل الهدف الرابع عندما نال المهاجم الهولندي هدية على طبق من ذهب.
وقال كاسياس "لم يكن مستواي في الحضيض، ولكنني أتحمل المسؤولية. لم يحالفنا الحظ بداية مني.. والآن، يمكننا التفكير فقط في المباراة المقبلة".
ويمثل كاسياس (33 عاما) أسطورة حية للكرة الإسبانية، حيث قاده للفوز بلقبي يورو 2008 و2012 وبلقب كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا، كما فاز مع ريال مدريد بخمسة ألقاب في الدوري الإسباني وثلاثة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، ولكنه واجه أمس الأول واحدا من أسوأ الأيام في حياته. وخسر المنتخب الإسباني 0/3 أمام نظيره البرازيلي في نهائي كأس القارات في 30 حزيران (يونيو) 2013 وذلك في ريو دي جانيرو البرازيلية.
وفي ذلك الوقت، كانت المبررات هي الإجهاد الذي يعانيه اللاعبون في نهاية موسم طويل وشاق وفي مسابقة قوية أجهدت الفريق بدنيا. ولكن سقوط الفريق أمس في بداية مسيرته بالمونديال البرازيلي كان أكثر ألما.
وسبق للمنتخب الإسباني أيضا أن خسر مباراته الأولى في مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، حيث سقط أمام نظيره السويسري بهدف نظيف، ولكنها لم تكن هزيمة مستحقة نظرا لسيطرته على مجريات المباراة تماما، بينما سجل المنتخب السويسري الهدف من هجمة مرتدة ربما كانت الفرصة الوحيدة الحقيقية له في هذه المباراة.
والآن، يحتاج كاسياس والمنتخب الإسباني إلى استعادة مستواهم المعروف إذا أرادوا استكمال رحلة الدفاع عن لقبهم العالمي في المونديال البرازيلي علما بأن البرازيل أصبحت الآن مسرحا لأسوأ الهزائم التي مني بها المنتخب الإسباني.