الضحك علاج فعال لتخفيف الألم

الضحك علاج فعال لتخفيف الألم

روبين دنبار، أستاذ علم النفس التطوري في جامعة أكسفورد، كان يوقع الألم على متطوعين كجزء من تجربة.
وبعضهم كان يتم إخضاعه للألم عقب مشاهدة مقاطع فيديو للعبة الجولف، أو المسرح الجاد أو الكوميدي. هذا التمرين يؤدي إلى نتيجة عميقة الأثر: إذا أردتَ تقليل الألم فشاهد شيئاً مضحكاً، وليس مقاطع عن لعبة الجولف. والأفضل حتى من ذلك، افعل ذلك ضمن مجموعة من أربعة أشخاص؛ لأن هذا في العادة يزيد مستويات الضحك بمقدار 30 مرة.
يقول البروفيسور دنبار: "تستطيع خدمة الصحة البريطانية تقليص التكاليف بصورة عجيبة بمجرد فعل ذلك فقط"، ويجادل بأن نتائج مماثلة في تخفيف الألم يمكن تحقيقها من خلال إقناع الناس بالرقص معاً، أو أداء الشعائر الدينية. ليس في ذلك ما يبعث على المفاجأة: فنحن جميعاً نعلم أن الرقص والضحك يؤديان إلى تحسن المزاج. لكن البروفيسور دنبار يعتقد أن هناك فكرة تطورية أكثر أهمية لها علاقة بالموضوع.
قبل عقدين اشتهر بتصريحه بأن الحجم الأمثل للمجموعة الاجتماعية هو 150 شخصاً؛ لأن أدمغتنا ليست كبيرة بما فيه الكفاية للتكيف مع الإجهاد المعرفي والتعقيدات اللازمة للاحتفاظ بروابط وثيقة مع عدد أكبر من الناس. بالتالي إذا نظرتَ إلى حجم القرى الأوروبية في العصور الوسطى، أو الجيوش الرومانية – أو حتى عدد بطاقات التهنئة بعيد الميلاد التي يتبادلها الناس – فإن العدد 150 هو الذي يظهر دائماً. بعض الحيوانات الرئيسة الأخرى تتجمع في مجموعات أصغر من الإنسان لأن أدمغتها أصغر.
أحدثت هذه الأطروحة ضجة. حين سافرتُ إلى مقر فيسبوك في سان فرانسيكسو قبل بضع سنوات، مثلا، اكتشفتُ أن المهندسين هناك كانوا مهووسين برقم دنبار المذكور، ليس فقط لأن له تأثيراً محتملاً في حجم مجموعات الأصدقاء على الإنترنت، وإنما كذلك لأنه شكَّل كيف تنظم فيسبوك موظفيها. قبل بضع سنوات، حين أدرك المديرون أن فرقهم كانت تتجاوز الرقم السحري، أدخلوا شعائر لإبقاء الشركة "مترابطة".
الأمر الذي يخلب لب دنبار اليوم ليس فقط الرقم المذكور، وإنما مسألة كيف تطور البشر بحيث يتمكن هذا العدد الأمثل من الناس من الترابط على شكل مجموعة. وكما يشرح في كتاب جديد بعنوان "التطور البشري"، تفعل الحيوانات الرئيسة ذلك في العادة من خلال التأنق والتزين. وهذا يجعلها قريبة من بعضها إلى درجة إفراز مواد الإندورفين، ما يخلق إحساساً بالانتعاش نتيجة التماسك الاجتماعي. لكن هذا يستغرق وقتاً طويلاً لدرجة "أنه إذا قام البشر بذلك عن طريق التأنق فسنحتاج إلى 45 في المائة من الوقت". بدلاً من ذلك، كما يقول "نقضي في العادة فقط 20 في المائة من وقتنا في التفاعل الاجتماعي".
ويعتقد دنبار أن البشر تطوروا ليطوروا المزيد من الطرق ذات الكفاءة للترابط، مثل الرقص، ورواية الحكايات، والمشاركة في الضحك. هذه النشاطات، مثل التزين، تؤدي أيضاً إلى إفراز الإندورفين، الذي يقلص الألم الذي نمر به. بالنسبة لبعضهم فكرة اعتبار الشعائر الثقافية العزيزة مجرد سمات تساعد على إفراز الإندورفين ربما تبدو مثيرة للاستياء الشديد. الواقع أنه خلال معظم القرن العشرين، الأكاديميون الذين درسوا التطور البشري لم يحللوا الثقافة. لكن دنبار واحد من مجموعة متزايدة من علماء النفس التطوري الذين يتبنون هذا المنهج المختلط.
ويثير عملهم أسئلة غريبة. يتواصل البشر بينهم بصورة متزايدة ليس من خلال الشعائر المباشرة وجهاً لوجه، وإنما من خلال الأجهزة الإلكترونية. هل تستطيع هذه الأشكال الجديدة من التواصل إفراز الإندروفين بقدر ما تفعل الشعائر القديمة؟ وإذا "نشأ" الأطفال اجتماعياً بصحبة هواتفهم الجوالة، فهل سيظل بمقدورهم التفاعل؟
يعتقد بعض الخبرء أن المراهقين يعملون على صياغة طرق جديدة من الترابط على الإنترنت. لكن دنبار أكثر حذراً وقلقاً: فهو يعتقد أن البشر بحاجة إلى اللقاء وجهاً لوجه من أجل الحفاظ على الصداقات.
هناك أمر واحد واضح: من المرجح أن يشتد هذا الجدل مع ازدياد الصلات على الإنترنت. وهذا أمر يجدر التفكير فيه إذا بدأتَ بالضحك مع أصدقائك في العطلة عبر الإنترنت أو وجهاً لوجه. وبدلاً من مجرد اعتبارها وسيلة لتمضية الوقت، فإن هذه أداة تطورية حاسمة استطاع الإنسان تطويرها ليتمكن من البقاء على قيد الحياة. بالتالي لعل من المناسب أن واحدة من أشهر الرسائل هي LOL "الضحك بصوت عال".

الأكثر قراءة