مركز الأمير سلمان .. هل هو مركز؟
.. البذورُ التي زرعت بأرض صلبة قاسية، كنا نظن أنها غير قابلة للاستزراع فاجأتنا بثمار بدأنا حصدها؛ أكثر مما يتوقعه مزارعٌ من أرض شديدة الخصوبة.
أكثر الأعمال جهداً وأملاً هي البدايات القوية المصمَّمة المفعمة بالآمال والطموحات مهما بلغت الصعاب والإعاقات والموانع. وأجمل المشاعر وألطفها وأرقها على القلب هي لما يُرى أن ما تم البدء به صار أعمالا شاهقة لا تخطئها العيون؛ كمشاعر المزارعين وهم يرون ما وضعوه بذوراً في ضمير الأرض، نمت فوقها شجرا يانعا مثقلا بالثمار.
كان منظر وجه الشاب المليح “هاني المقبل”، الذي يمثل مركز الأمير سلمان للعمل الشبابي وهو يصافح سمو أمير دولة الكويت الشقيقة الذي منح المركز وسام الامتياز من الدرجة الثانية لمجلس التعاون الخليجي لمركز الأمير سلمان منظرا مبهجا حقا، والأمير يتوج المركزَ كواحدٍ من أهم مجمعات العمل الشبابي في الخليج.
أعرف “مركز الأمير سلمان” عن قرب، وتقريبا أعرف شخصياً كل شابة وشاب يعملون به، والمركز يعمل تحت نظام وانتظام واضحين، وشاركت في عدة من نشاطاته، وتجد دوما هذا الجو الدقيق في الفكرة، والبرمجة والإعداد، والتوقيت. كما أن المركز يعتبر واحداً من أقوى حاضنات الفرق التطوعية، وأعتبره مولداً قوياً تدخل إليه الإرادة التطوعية الشابة خاماتٍ من الهمّة والطموح، وتخرج منه صقيلةً خبيرة وقادرة على النمو والبقاء.
المركزُ يلبي حاجة أخرى مهمة، وهي العمل العقلي في الميدان التطوعي، بمعنى أن الأعمال التطوعية لم تبق فقط جهوداً مبعثرة حين تمر في منظومة الإجراءات الإعدادية في مركز الأمير سلمان للشباب، بل تتمرحل لما أسميه “منظومة العقل الواحد”.
حينما تتم المراحل الإنمائية تحت إشراف المركز الذي يعمل بفلسفة ومبادئ ثابتة لديه تنتقل مع إعداد الفرق إلى تكوينها العقلي أيضا، فتخرج الفرق متباينة الأعمال ومختلفة الأهداف تحت هذه العقلية الواحدة أو الفلسفة الواحدة إن شئت، وكأن عقلا واحدا يديرها بذات النفَس المنهجي وهي تزاول أعمالها على الأرض كلٌ بميدانه لخدمة مجتمعهم وبلادهم، ولنشر هذه السعادة التي تسهم في تغيير حالة السلوك والأخلاق والمظاهر وخدمات البنى التحتية والفوقية إلى درجات أعلى في هذا السلم السلوكي الحضاري والحَضري.
وهذا يقوي ناحية العمل الأهلي في المجتمع، ويجعل أنسجة عضلاته تشتد، وتزداد مرونة لتساند الخدمة العامة الرسمية وميسرة ومبتكرة لإنجاز الأهداف.
هنا لا يبدو مركز الأمير سلمان مجرد مركز، بل كمولد عقلي إنتاجي لضخ الطاقة الشبابية المصقولة والمدربة ضمن عقلية منهجية واحدة بأعمال تتنوع بطيف واسع. عقل كبير يضع قوادمَ الجناح الآخر الذي تحتاج إليه كل أمّةٍ مع جناح العمل الرسمي لتقلع عاليا مع الأمم التي أقلعت بقوة جناحيها الاثنين.
وأقدّم امتناني للرجال الكبار الذين يعملون في مجلس التعاون الخليجي الذين يحركون موجات الطاقات الشبابية.. برأيي، هذا قد يكون أهم أعمال المجلس.
هاني .. الله يهنيك، ويهنينا بآلاف الشبيبة العاملين الذين تمتلئ بهم نواحي البلاد.