الشارع المصري .. يرفض الحل السياسي مع تنظيم الإخوان

كلما اقترب الشارع المصري من انتخابات الرئاسة، أصبح المرشحون للرئاسة في مواجهة مع أهم بند في برنامجهم الانتخابي، والبند الذي نقصده هو موضوع موقف المرشح من إرهاب تنظيم الإخوان المسلمين، لأن المواطن المصري يعلق آمالاً كبيرة على الرئيس القادم في القضاء على إرهاب الإخوان وإيقاف نزيف دماء المصريين التى أخذت تراق وتسيل منذ سقوط الرئيس محمد مرسي العياط في 30 حزيران (يونيو) 2013.
وإذا كانت اتجاهات الرأي العام المصري ترشح المشير عبد الفتاح السيسي بأغلبية ساحقة للفوز بالرئاسة، فإن ترشيح المشير جاء على أمل أنه الأقدر على حل معضلة إرهاب الإخوان، ولذلك يتعين على المشير السيسي أن يضع قضية القضاء على إرهاب الإخوان في مقدمة برنامجه الانتخابي، أمّا إذا لم يتضمن برنامج المشير موقفاً واضحاً من إرهاب الإخوان، فإن المشير سيفقد الزخم الهائل الذي يزحف لانتخابه.
ودعونا نقول صراحة إن المرشح الذي يعالج قضية الإرهاب معالجة حاسمة هو المرشح الذي سيحظى بتقدير الناخبين المصريين، أمّا إذا لم يوفق الرئيس المنتخب في حل قضية إرهاب الإخوان، فإن الشارع المصري سيصاب بخيبة أمل.
والسبب أن قضية الإرهاب ليست قضية سهلة، بل هي قضية مركبة، وترتبط بها كل القضايا الأخرى، أي أن حل قضية الإرهاب سيتبعها حل قضية الانفلات الأمني، كذلك فإن حل قضية الإرهاب يرتبط معها حل قضية التدهور الاقتصادي الذي تعاني من ويلاته كل فئات الشعب المصري.
وإذا خرجت مصر من مثلث الإرهاب، والانفلات الأمني، والأزمة الاقتصادية، فإنها سوف تستشرف المستقبل الزاهي الذي كانت تتمناه وتحلم به ثورتا 25 كانون الثاني (يناير) و30 حزيران (يونيو).
والآن نستطيع القول إن مصر دخلت منطقة انتخابات الرئاسة، ومع دخولها في منطقة انتخابات الرئاسة تقدمت بالتوازي بعض الأفكار التى تطالب بتسوية الخلافات مع الإخوان سياسياً، ظناً منهم أن إرهاب الإخوان لن يتوقف إلاّ بعد التوصل إلى تسوية سياسية مع تنظيم الإخوان.
ولكن هذا الرأي يتقدم على استحياء، لأن الأغلبية ترفض أي حل سياسي مع الإخوان الذين لطخوا أيديهم بدماء المصريين الأبرياء، ولذلك فإن معظم فئات الشعب المصري مع الحل السياسي مع الإخوان الذين لم يلطخوا أيديهم بدماء المصريين، وليس مع الإخوان الذين لطخوا أيديهم بدماء المصريين.
إذن الموقف في الشارع المصري الآن ليس منقسماً ــــ كما يبدو ــــ بين مؤيدين للحل السياسي مع الإخوان وبين معارضين للحل السياسى، لأن المؤيدين للحل السياسي هم قلة قليلة جداً، وواضح أن إرهاب الإخوان كله ملطخ بدماء المصريين، ومن لم يلطخ يده بدماء المصريين هم فئات جد قليلة أعلنت معارضتها لكل الممارسات الدموية التي يقوم بها تنظيم الإخوان في الجامعات المصرية، وفي سيناء، وفي مراكز الشرطة وفي كل مكان من الأرض المصرية العزيزة.
والخليجيون ليسوا بعيدين عن تفاقمات الساحة المصرية، فمنذ اندلاع ثورة كانون الثاني (يناير) 2011 تقدم الخليجيون بالدعم السياسي والاقتصادي والمالي، ثم تقدم الموقف الخليجي خطوة كبيرة إلى الأمام حينما سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءهم من قطر احتجاجا على دعم دولة قطر لتنظيم الإخوان، وبذلك دخلت دول الخليج في مواجهة معلنة مع تنظيم الإخوان في الداخل والخارج، بل أكثر من ذلك صنفت الدول الخليجية الثلاث تنظيم الإخوان المسلمين وغيره من المنظمات المتفرعة عنه بأنها منظمات إرهابية يسري عليها ما يسري على كل المنظمات الإرهابية في العالم، ومن جهتها فإن مصر اعتبرت هذا الموقف الخليجي الشجاع هو دعم لكفاح الحكومة المصرية ضد إرهاب تنظيم الإخوان.
والواقع أن الموقف الخليجي دفع أوروبا إلى اتخاذ مواقف متشددة مع تنظيم الإخوان في الخارج، بل إن بريطانيا اعتبرت تنظيم الإخوان يمارس عمليات إرهابية على الأراضي المصرية، وإن هذه الممارسات الإرهابية تستلزم إجراءات صارمة ضد تنظيم الإخوان في العواصم الأوروبية، كذلك فإن الولايات المتحدة التي تتظاهر بدعمها لتنظيم الإخوان اضطرت مكرهة إلى وضع تنظيم بيت المقدس، وهو فصيل من فصائل تنظيم الإخوان، في قائمة المنظمات الإرهابية.
والحقيقة أن تنظيم الإخوان المسلمين بتضافر الموقف الخليجي مع الموقف المصري خسر كثيراً من مواقعه في الداخل وفي الخارج، وهو الآن تنظيم إرهابي دولي، وهذا التصنيف يفقده الكثير من حرية الحركة التي كان يتمتع بها في كل العواصم الأوروبية.
والواقع أن دول الخليج عانت منذ أكثر من نصف قرن من تنظيم الإخوان المسلمين، وبالذات السعودية التي أعطت للإخوان موقعاً متميزاً، وسمحت لمؤسسها حسن البنا بأن يحضر إلى المملكة، ويحاضر فيها، وبحسن نية وظفت الكثير من كوادر الإخوان في مؤسسات التعليم والتربية، بل أكثر من ذلك فقد منحت الجنسية السعودية العزيزة لبعض كوادر الإخوان، ولكن بعض هذه الكوادر المسعودة كان إخلاصها للأسف لتنظيم الإخوان، ولم يكن لحكومة السعودية!
والآن مطلوب من كل دول الخليج أن تتعظ وتعتبر ولا تكون كالدراويش في تعاملاتها مع من لا يستحق أي نوع من أنواع المعاملة الحسنة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي