طي قيد
حسناً فعلت وزارة العدل، إذ طوت قيد القضاة وكتاب العدل الذين زوروا صكوكاً. القضاة ثبت تورطهم في تزوير الصكوك وقضايا تلاعب وإهمال أخرى، أما كتاب العدل فهم بين مزور ومتلاعب بالأنظمة ومهمل لواجباته. فهل بالإمكان أكثر مما كان؟
مثل هذا القرار سيؤدي إلى مزيد من الفساد وسوء استغلال السلطة. فما دام اسمي "غير موجود" على رأي "سرحان عبد البصير"، ولم تسترجع الدولة حقها مني ولم أخضع لأي عقوبة بدنية، وبقيت مبالغ الرشوة بيدي أعيث بها كيف أشاء، فسأزيد المبلغ ليصل إلى الملايين، لتكون العيشة هنية بعد "طي القيد".
جولات مفتشي الوزارة تطرقت لقضية أخرى هي "التقارير الطبية". لم يوضح الإعلان ماذا كان الناس يفعلون بالتقارير الطبية وما علاقتها بالصكوك المزورة.
كل ما أعرفه هو أن تزوير التقارير الطبية المنتشر في كل ركن من الدوائر الحكومية، هو ذاك الذي يمنحك إعفاء من حسم الراتب، بسبب الغياب عن العمل. فهل يحتاجه إليه القاضي، وهل يوقع القضاة في الحضور والانصراف؟
المدير "الأقشر" هو الذي يطالب بالتقرير الطبي ليلغي الغياب وهم أقلية أغلبهم في مرافق التربية والتعليم، ووضع المعلم يستحق الرقابة أكثر من غيره. خصوصاً قبل البصمة، أما بعدها فستهطل الاستراحات والإجازات المرضية من كل مكان، وستتخصص مستوصفات، ومراكز طبية في هذا المجال الأكثر ربحية.
أما القضية الثالثة التي تذكر فلا تشكر فهي إهمال الدوام الذي يمارسه كل قضاة الوطن، إلا من رحم ربي. أتحدى أي شخص أن يجد أي قاض في مكتبه الساعة السابعة والنصف صباحاً أو الثانية والنصف ظهراً.
كنت ذات صباح في مجلس القضاء، وبكل براءة وضعت رجلاً فوق أخرى كما يفعل كل الناس في مجالسهم، وكنت أمثل أمام قاض من أكثر الأشخاص ذوقاً وأحسنهم خلقاً. نظر إلي فضيلته "شذراً"، وقال: أنزل رجلك. أنزلتها دون أن أنبس ببنت شفة، لأني أعلم ما بعد ذلك.
تمنيت لو استطعت أن أسأله هل هذا تنظيم إداري أم حكم شرعي، وليت سوء معاملة المتقاضين ظهر ضمن تقرير مفتشي الوزارة.