السعودية والهند .. علاقات بروابط عالمية
تدعم زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز للهند، علاقات متنامية بين هذا البلد والمملكة. وهي علاقات اختصت في كل المجالات، وأنتجت عوائد جيدة وأطراً متجددة على مدى السنوات الماضية. على الصعيد السياسي، هناك روابط نضجت بحكم زمنها، وأيضاً من جراء منهجية واعية، أخذت في الاعتبار كل المعطيات التي تخص الطرفين. واحتوت المستجدات بما يكفل تناغما مطلوبا لبلدين محوريين، ليس إقليمياً فحسب بل عالمياً أيضاً. وقد عزز الاستراتيجية السياسية، اشتراك المملكة والهند في مجموعة العشرين، التي تبقى المجموعة أو التجمع أو الكيان الأهم على صعيد زمام المبادرة فيما يتعلق بالسياسة وارتباطاتها الاقتصادية والتنموية الدولية. لقد أطرت هذه العضوية، علاقات البلدين ضمن نطاق أهميتهما الحقيقية، بما في ذلك تأثيرهما في كل القضايا التي تتصل بالمنطقة والعالم أجمع. وهذه النقطة وحدها، تضيف زخماً عالي الجودة والقوة لزيارة ولي العهد للهند، ضمن إطار جولته الآسيوية الراهنة.
إن من أهم مزايا العلاقات بين دول محورية مؤثرة، أن انعكاساتها تكون دائماً واسعة النطاق، تتجاوز حدود أطرافها نفسها. ولذلك فإن العلاقات المتوازنة الواقعية وفرت الكثير من المكاسب بهذا الاتجاه، ودعمت أواصر الشراكة الدولية، بما يفيد الساحة الدولية. فالعلاقات الحكيمة، هي في حد ذاتها ثروة غير مباشرة للحراك العالمي سياسياً واقتصادياً. ولأنها كذلك، فقد قدمت عوائد مباشرة لكلا الطرفين، من الجانب الاقتصادي. وهذا الجانب يبقى دائماً داعماً قوياً لأي علاقات كانت، فكيف الحال بعلاقات بين بلدين محورين إقليمياً ودولياً؟ ويبدو هذا واضحاً من مستوى التبادل التجاري الضخم بينهما، ومن حراك اقتصادي ثنائي شمل كل القطاعات المهمة، وتلك التي تدخل في الإطار الاستراتيجي. والنتائج تبقى كبيرة، لأن الأسس التي تقوم عليها العلاقات الاقتصادية قوية ومتشعبة.
وصول حجم التبادل التجاري بين المملكة والهند إلى 140 مليار ريال في عام 2012، يجيب بصورة مباشرة عن أي أسئلة حول طبيعة العلاقات بينهما. وتكفي الإشارة إلى أن متوسط حجم التبادل التجاري بين البلدين في غضون عقد من الزمن، بلغ أكثر من 70 مليار ريال سنوياً. وهو بكل المقاييس مستوى مرتفع للغاية. وهذا التبادل شهد ارتفاعاً بلغ 20 مليار ريال في عام 2012، مقارنة بالعام الذي سبقه، وهذه أيضاً نسبة ارتفاع كبيرة. ومن هذه المعطيات وغيرها، تأتي زيارة الأمير سلمان للهند، بمنزلة محرك جديد آخر للقواسم الاقتصادية المشتركة التي تجمع كلا البلدين، ولا سيما بوجود مسؤولين سعوديين في مختلف القطاعات ضمن وفد ولي العهد، فضلاً عن شخصيات اقتصادية فاعلة على الساحة السعودية. ولذلك، فإن الناتج العام لهذه الزيارة سيدخل تلقائياً ضمن الأطر العامة والخاصة للعلاقات بين نيودلهي والرياض.
وفي الوقت الذي يحقق فيه الاقتصاد السعودي نمواً متماسكاً ضمن خطط استراتيجية مستدامة، فإن الاقتصاد الهندي يحقق أيضاً نمواً جيداً، رغم المصاعب التي يمر بها الاقتصاد العالمي منذ خمس سنوات. وهذا يعزز أيضاً أواصر العلاقات الاقتصادية المدعومة سياسياً بصورة مباشرة، التي تحظى بدعم غير مباشر من عضوية السعودية والهند في مجموعة العشرين. واستناداً إلى مخططات التنمية الكبرى التي تقوم بها المملكة وتستمر لسنوات مقبلة، فإن الأبواب مفتوحة أيضاً للهند للمشاركة في هذه المخططات طبقاً للمنفعة المشتركة. ولا شك في أن هذا الجانب سيلقى تطوراً كبيراً في السنوات المقبلة. إن زيارة بهذا المستوى الرفيع للهند، ستعزز العلاقات بين البلدين، ولكنها في الوقت نفسه ستضيف مزيدا من الطاقة للحراك العالمي سياسياً واقتصادياً.