مصر والسعودية

أحيانا نتحدث عن علاقات مصالح آنية متبادلة، وأحيانا نتحدث عن علاقة ضرورة تدعمها مصالح تاريخية، وأحيانا نتحدث عن علاقات تاريخية اجتماعية واقتصادية ودينية تجمع شعبين وتجعل فكرة افتراقهما صعبة، وهذه علاقات ما فوق الضرورة، كما هو حال المملكة ومصر الشقيقة وصيانة هذه العلاقة وتقويتها واجب البلدين.
مصر بلد في مركز العالم، وعلاقة المملكة مع مصر علاقة استراتيجية لا تقوم على المتغير السياسي، وكما ترون مرت بمصر ثلاث سنوات صعبة من الحركات الثورية والتصحيح، وقبل الثورة مرحلة من جمود العلاقة، ومع كل هذا لم يتوقف السعوديون عن السفر إلى مصر، ولم يتوقف المصريون عن الترحال بين السعودية ومصر، ولم تتوقف التجارة، ولا الحج، ولا السياحة، ولا البرامج المجدولة؛ ما يعني أن العلاقات أقوى من المتغيرات السياسية.
لا تكفي مساحة كهذه للحديث عن العلاقات التاريخية بين مصر والسعودية، كما أن هذه المساحة لا تكفي أيضا لتوقعات ومناظر العلاقات القادمة بن البلدين، وكانت مشكلة العلاقات المصرية السعودية تكمن في فترات من التحولات السياسية الحادة التي تفرض إعادة تقييم هذه العلاقات، وهي الحالة الضارة النافعة ففي تحول حاد يلتقي البلدان بحماس جديد لإعادة هيكلة هذه العلاقات وتجديدها، كما حدث هذه الأيام بعد ثورات وقلاقل الربيع العربي التي استلمت المراجعة عند الأخوة المصريين، واستلمت من السعوديين الحديث عن قوانين وضمانات استثمار يجب أن تتوافر في الجانب المصري وتكون هذه القوانين سيادية وقوانين دولة لا يغيرها تبدل رئيس أو سياسة، فالدول التي تستقطب الاستثمار هي الآمنة للاستثمار؛ لأنه لا أحد يريد أن يضع أمواله في مهب الريح، وعلاقة السعودية بمصر علاقة روحية أولا بنيت على حب المصريين للمقدسات وتوقهم لزيارتها، ثم على عوامل ارتباطات قديمة، جعلت لكلا البلدين بعدا استراتيجيا للآخر، خيار بعد البلدين شيء غير ممكن، ولذلك فالحلول دعم طرق التواصل، والتركيز على ما يدعم التقارب بحيث يقتنع الشعبان بهذا القرب، وأنه لا فكاك لهذه العلاقة التاريخية، مهما حلكت الظروف، وكلنا يتذكر عبور الجيش المصري عبر حفر الباطن لتحرير الكويت.
ما تشهده المملكة ومصر من تحركات إيجابية باتجاه بعضهما ليس مجرد استثمارات وتقارب سياسي إنه ترسيخ وتقوية لبنيات أساسية في العلاقة القائمة، واختلاف النظام في مصر وتبدله لم يجعل هذه العلاقة بين البلدين مكان تساؤل في وقت من الأوقات لأنها كما قلت علاقة ضرورة وعلاقة تاريخية لا يناقش أحد وجودها بقدر ما يناقش تقويتها وصيانتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي