عزيزي المسؤول.. رفقا بـ «الفلاش»

عندما كنت مراسلا ميدانيا لإحدى الصحف الرياضية في بداية حياتي الصحافية، طلبت من مسؤول في أحد الأندية تصريحا صحافيا يسبق مباراة مهمة لفريقه، وكان رده مفاجئا لي عندما قال "اكتب ما تريد يا سطام.. ولكن الله الله بالصورة الزينة".
رغم مرور السنين على الموقف إلا أنه لم يبرح الذاكرة وبقي من المواقف الخالدة والراسخة في ذهني، وفي كل مرة يخطر على بالي أو أرى المسؤول ذاته في التلفاز أو الصحف. لا بد أن أضع على ثغري ابتسامة من الضرس للضرس.
ما بين بعض المسؤولين في كثير من القطاعات الحكومية و"الفلاش" علاقة عشق من طرف واحد، ولا يمكن أن يهنأ يومهم أو يرتاح لهم بال إلا بعد أن يعمي ـــ أي الفلاش ـــ أعينهم، ثم يرون صورهم في اليوم التالي على أعمدة الصحف.
لا أدري إن كان المسؤولون في دول العالم المتقدم بينهم وبين "الفلاش" علاقة العشق أحادية القطب نفسها، ولكنهم للأمانة يستحقون تسليط الضوء عليهم بكثرة، فهم يقدمون عملا ومنجزا جعل بلادهم في مقدمة دول العالم المتطورة، بعكس بعض "ربعنا" الذين لا يستحقون مطاردة المصورين لهم بسبب ضعف المنجز.
لا أطالب المسؤولين بالبعد عن الإعلام، فأنا مع التواصل الدائم متى ما كان الحدث يستحق، ولكن غير مقبول أبدا أن يزعج المسؤول وسائل الإعلام ويدعو لمؤتمر صحافي لمجرد أنه دعم قطاعه بعدد من سيارات الإسعاف، أو أن يطلب منهم مرافقته عند قيامه بزيارة مفاجئة لإحدى الإدارات التابعة له، ولا أعلم كيف تكون الزيارة مفاجئة وخلفها "كتيبة" من الإعلاميين والمصورين!
يصف الأديب والسياسي الراحل غازي القصيبي القرب من الإعلام بدون إنجاز حقيقي بالـ "جعجعة" التي لا تلبث أن تهدأ دون أن تترك خلفها طحنا. "سالفة" صوّرني وأنا "جاي" من المطار أو رايح للمطار غير مقبولة، أو صوّرني وأنا رايح للدوام، أو عائد للمنزل فيها "ترزز" لن يسمن الوطن ولن يغنيه من جوع.
ويشاطر عدد من الساسة المخضرمين غازي القصيبي في وصفه للإعلام، ويرونه كـ "النار" التي يمكن أن تمنحك الدفء ولكنها تحرقك عندما تقترب منها، الغريب أن تلك المقولة لا تتطابق مع "واقعنا" فبعض المسؤولين مرتمٍ في حضن الإعلام منذ سنوات ولم يحترق بعد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي