الموظف والمسؤول .. في مكاتب زجاجية

الموظف والمسؤول تجمعهما صفة واحدة وهي أن كلاً منهما قد باع ساعاتٍ من يومه للعمل العام مقابل أجر محدد، وتم توثيق ذلك بعقد مع الجهة صاحبة العمل.. ويحترم البعض ذلك العقد، بينما يخل به البعض مقصراً في الحضور والانصراف وفي استغلال ساعات ودقائق الوقت المتفق للعمل فقط، ومقصراً أيضاً في طريقة التعامل مع من تقدم لهم الخدمة في ذلك العمل. ولضبط هذه المنظومة لا بد أن نجعل كل طرف يراقب الآخر.. فكما أن وظيفة المسؤول مراقبة أداء الموظف، فإن إتاحة الفرصة للموظف بأن يرى المسؤول وهو في مكتبه طوال وقت الدوام سيساعد على انضباط الجميع، ولقد دخلت بعض مكاتب وزارة التجارة منذ أيام فإذا الجدران قد أزيلت واستبدلت بغرف مكشوفة للموظفين وغرف زجاجية للمسؤولين.. وحينما علقت على ذلك موجهاً حديثي للدكتور فهد أبو حيمد وكيل الوزارة للأنظمة والتجارة الخارجية قائلاً: بإمكانكم الآن مراقبة أداء موظفيكم.. قال بكل أريحية ورضا.. وهم أيضاً يراقبوننا.
ولو ربطنا هذا المشهد مع ما صدر عن مدير عام الجوازات الجديد اللواء سليمان اليحيى الذي يبشر تعيينه بوضع أفضل لخدمات قطاع الجوازات ليصبح مثل الأحوال المدنية سرعة وتنظيماً حول منع استعمال (الجوال) أثناء العمل مع وضع كاميرات لمراقبة أداء الموظفين.. أقول لو ربطنا هذين المشهدين لاستبشرنا بضبط الأداء الوظيفي بإجراءات جديدة علينا، ولكنها متبعة في دول أخرى.. بل وفي بعض الشركات المتطورة في بلادنا، والمؤمل أن تعمم تلك الإجراءات على جميع الأجهزة الحكومية، بحيث لا نرى (الجوال) يقتطع جزءاً ليس باليسير من وقت الموظف أمام مرأى من المراجعين الذين لا حول لهم ولا قوة، فلو اعترض أحدهم لغادر الموظف مكتبه وغاب لوقت قد يصل إلى الساعة ثم عاد وكأن شيئاً لم يكن!
وعودة إلى المكاتب المكشوفة نقول إن الموظف لن يتعود عليها في البداية، وسيرفع رأسه ويترك عمله كلما دخل زائر يتجول في الممرات، ولكنه فيما بعد سيتجاهل من يمر قريباً منه ويركز على عمله كما يفعل من يعمل في المكاتب المفتوحة في كل أنحاء العالم.. أما المسؤول في الغرف الزجاجية فإنه لن يستطيع أن يدعيبأنه في اجتماع حتى لو كان قد أحضر حلاقاً ليقص شعره كما حدث مع مسؤول سابق قبل سنوات عديدة.. وحينما لمح صحافي ذلك المنظر من فتحة صغيرة في الباب كتب الخبر ونشره فغضب المسؤول عليه وعلى جريدته، ولم يكن للأسف هناك تصوير سريع كما هي الحال الآن وإلا لأصبحت قصته وصورته على كل المواقع!
وأخيراً: يا هيئة (نزاهة) ليكن من ضمن برامجك دعم تحويل المباني الحكومية من أبراج عاجية إلى مكاتب زجاجية.. ومنع استعمال الهاتف الجوال وتعميم كاميرات المراقبة، فإن في هذه الإجراءات على بساطتها خير معين على مكافحة الفساد الإداري المتمثل في هدر الوقت المخصص للعمل العام.. وهو ما يوازي المال العام الذي أسست الهيئة لحمايته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي