الضوء الإعلامي المجاني

مصيبة الرياضة السعودية بعض إعلامييها الذين يفتقرون للحد الأدنى من الثقافة، والمفردات المتعقلة بالنقد، فتختلط عليهم الأهمية الوطنية لثقافة الرياضة بالجنوح إلى الإثارة الخارجة عن النقد الواعي الذي يليق بأهمية الرياضة كأخلاق، والمصيبة الثانية بعض الإداريين الذين يأتون للأندية كأعضاء شرف، وإداريين من أجل الضوء الإعلامي، وهم أيضا الوجه الآخر المؤسف لإعلامييهم المأجورين من أصحاب الإثارة، وكلتا الفئتين تبتعد بالرياضة السعودية عن أهم أهدافها وهو الولاء للوطن في أهم تجمع شبابي مشجع، وبث القيم والأخلاق قبل زرع الخصام، والتنابز، والتناحر.
الرياضة ليست ترفا، أو ترفيها شبابيا، بل الرياضة ثقافة واعية، وتعبير شعبي عن الانتماء لرموز الوطن الرياضية وفرقه، والاستفادة منها كثقافة وطنية، هو المغزى الأول للرياضات ذات الشعبية العريضة، مثل كرة القدم، وما لم نعِ أهمية التوجيه نحو الانتماء فإننا نخسر جماهيرنا لغيرنا من الأندية والفرق، ولعلكم ترون أن شبابنا المحبط من تعثر رياضتنا محليا في السنين الأخيرة لجأ إلى تشجيع فرق أجنبية وانصرف لها، وهذه ظاهرة سيئة. من المفترض أن تكون رياضتنا أولا، ومتابعة رياضة الآخرين ثانيا، فما المشكلة؟
الجميع يتحدث عن أن الرياضة السعودية تمر بمفترق طرق حاد، فهنا شباب رياضي ومشجع مثقف، يعرف أدق التفاصيل عن فنون اللعب وأسماء اللاعبين، وأحوالهم، وحتى تفاصيل حياتهم، وبين إدارات أندية لا تديرها المعرفة والكفاءة وفكر الاستثمار الذي هو قاعدة النجاح للعمل الرياضي، والتردد بين الاحتراف والهواية لا هذا ولا هذا، إدارات تأتي لغرض الوقوف في الضوء الإعلامي بضخ المال الكثير كصرف استهلاكي، لا على أنه مال استثمار في الرياضة، وهذه القوى المالية والمعنوية تفرض رأيها في الملعب واللعب، وتسبب تخلف الرياضة السعودية عن الركب، فنبكي أياما كنا النموذج في التفوق الرياضي فسبَقنا أناس عملوا على تنمية رياضاتهم بعدنا بسنين.
هذا الشباب بثقافته الرياضية المدهشة لم يجد هنا ما يرضي شغفه، وهي علامة حضارية، فالرياضة المعاصرة هي ثقافة الشعوب، وتجمعها، وتفاهمها لا فرقتها، وتناحرها، وهي مفتاح لأبواب الثقافة لا يستهان به.
بعد هذا، هل نسأل لماذا يغضب جمهورنا من الأداء السيئ ويرمون عناصر الملاعب بالأحذية؟ الجواب لأنه لا يمكن تمرير الخطأ عليهم، فالجمهور أكثر وعيا بتفاصيل اللعب والملاعب من الرياضة ومديريها وحكامها.
أنديتنا الرياضية واتحاد كرة القدم بالذات وكل الرابطات المعنية بمسيرة الرياضة مطالبة بأن ترتقي لعقل الجمهور المثقف، وتخرج الرياضة من وهدتها لتصير قطاع أعمال مستثمرا، لا فرصة للغائبين عن الضوء الإعلامي، ليدفعوا المال من أجل الظهور.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي