المفتي: من أدى الحج مرة واحدة في العمر برئت ذمته
دعا مفتي عام المملكة، علماء المسلمين إلى تبصير الناس وتثقيفهم بأمور الحج، مؤكدا أن من أدى فريضة العمر فقد برئت ذمته، وعليه أن يؤجل تأديتها مرة أخرى إلى ما بعد خمس سنوات، لافتاً إلى أن من كان لديه مال وأراد أن يحج مرة أخرى فالأولى أن يتصدق به على المساكين والفقراء، أو أن يعين مسلماً على أن يؤدي فريضة العمر.
جاء ذلك خلال افتتاح الدكتور بندر بن محمد حجار وزير الحج، أمس، ندوة الحج الكبرى في دورتها الـ 38 لهذا العام، التي تعقد تحت عنوان ''فقه الأولويات في الحج''، بحضور الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، وأكثر من 200 مشارك وباحث ومفكر من جميع أنحاء العالم، في قاعة ''الذكرى الخالدة'' في مكة المكرمة، وتستمر على مدى ثلاثة أيام.
وأوضح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة أن الدين الإسلامي بني على أركان خمس منها الحج، وجعله الله مرة واحدة في العمر، حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحج إلا مرة واحدة وهي حجة الوداع التي كملت بها الرسالة وتم الدين.
#2#
وقال: ''إن جميع الأوامر والنواهي في أمور الدين كلها صادرة من عليم خبير فيجب على المسلمين تنفيذ تلك الأوامر، ومنها التيسير في الحج، فلم يُسأل نبي الأمة عن شيء في الحج إلا وقال ''افعل ولا حرج''، والله سبحانه جعل الحج مرة واحدة في العمر من أداه فقد برئت ذمته''، مشيراً إلى أن هذا الزمان يتكاثر فيه أعداد الحجيج مما يستلزم التنظيم، فالدولة استنفرت جميع إمكاناتها الآلية والبشرية لخدمة الحج وتنظيمه، وكذلك خدمة ضيوف بيت الله الحرام، ومن جهود الدولة في هذا المجال ما قامت به من توسعة لجسر الجمرات وإقامة عدد من المشاريع لتوسعة الحرمين الشريفين، ومن تلك التوسعات التوسعة الضخمة المباركة القائمة الآن التي تحتاج إلى ثلاث سنوات للانتهاء منها لتستوعب بعد ذلك الأعداد الكبيرة من الحجاج.
ودعا آل الشيخ العلماء إلى تبصير الناس وتثقيفهم بهذا الأمر، فمن أدى فريضة العمر عليه أن يؤجل تأديتها مرة أخرى إلى ما بعد خمس سنوات، لافتاً إلى أن من كان لديه مال وأراد أن يحج مرة أخرى فالأولى أن يتصدق به على المساكين والفقراء، أو أن يعين مسلماً على أن يؤدي فريضة العمر.
فيما قال الدكتور بندر بن محمد حجار وزير الحج: ''دأبت وزارة الحج منذ عدة عقود على الأخذ بالأسباب لاستثمار هذا التجمع الطيب لإقامة ندوات تستعرض وتناقش هماً من هموم المسلمين، أو طموحاً من طموحاتهم لإيجاد السبل الكفيلة بالارتقاء بالإنسان المسلم وتعزيز دوره لمزيد التقدم لأمته، لتسهم باقتدار في بناء حضارة بشرية يسودها العدل ويتوافر فيها الأمان وتحترم فيها كرامة الإنسان''.
وأضاف ''في هذا السياق يأتي اختيارنا موضوع فقه الأولويات في الحج، ليكون موضوع ندوة هذا العام، لتأصيل مفهوم فقه الأولويات، وبيان شروطه وضوابطه وأهميته في هذا العصر الذي تكاثرت فيه الواجبات، وازدحمت فيه المسؤوليات، وكثرت فيه أعداد الحجيج، وليكون سبباً لنشر ثقافة فقه الأولويات بين المسلمين بعامة، والحجاج منهم بخاصة لتكون عوناً لهم على أداء نسكهم بوعي وبصيرة وبأمانٍ واطمئنان''.
وأوضح الدكتور حجار أن كثرة أعداد الحجاج هذه الأيام، تدعو للبحث في هذا الموضوع المهم وترسخ فقه الأولويات في المناسك، وذلك في مثل: تقديم من لم يحج على من كرر الحج وتوجيهه لصرف ما أعده للحج النفل من إنفاقه على المحتاجين وسد حاجتهم وما أكثرهم، مبيناً أن السلف الصالح فهموا معنى الحج ومقاصده حيث أدركوا وفطنوا إلى أولويات دينهم، فلم يفرطوا وهو ما غاب عنا اليوم، فأفرط كثير من المسلمين في أداء فريضة الحج وفرطوا في حق الفقراء والمنكوبين وأعمال البر الأخرى.
وأكد أن وزارة الحج تسعى كواجب أساس من مسؤولياتها أن يكون لمثل هذا التجمع الكبير ثمرته في توثيق عرى التعارف وخاصة عبر مفكري الأمة، والقادرين على تشخيص همومها وآمالها وتطلعاتها، وأن يكون من منافع الحج مد جسور التعاون البناء بين المسلمين عامة، وأن نصل بما يطرح في مثل هذه الجلسات إلى أوسع نطاق ممكن من الناس في أوساط أمة الإسلام.
إلى ذلك، قال الدكتور هشام بن عبد الله العباس الأمين العام للندوة: ''إن ما يدعو للارتياح أن المشاركين في ندوة الحج الكبرى عندما يعود كل واحد منهم إلى بلاده، وفي جعبته الكثير مما علق في الذاكرة لإمداد المسلمين بمادة علمية خصبة، يمكن أن يرتكزوا عليها ضمن ما يجتهدون في إيصاله لحجاج بلادهم لمزيد من التوعية، كي يؤدوا نسكهم وفق مراد الله عز وجل، ويستفيدوا من الخدمات الحيوية المتعددة الأبعاد التي وفرتها حكومة السعودية، وكذلك المشروعات في الحرمين الشريفين والتوسعات ذات الصلة، بما في ذلك المشاعر المقدسة''.
وأكد الدكتور العباس أن تثقيف الحجاج في بلدانهم وتوعيتهم قبل وصولهم إلى الديار المقدسة، يسهم في التقليل من الأخطاء المحتملة، فالأخطاء التي قد يقع فيها بعض الحجاج تزيد من المشاق والمتاعب لكل الأطراف، معبراً عن أمله أن يعود هذا اللقاء بعظيم الفائدة على أعمال الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام.