هيئة «مُدُن» ورواد الأعمال

مع التطور الواضح الذي وصلت إليه هيئة المدن الصناعية مدن في توزيع الأراضي الصناعية، إلا أن الطموح ما زال أكثر من المستوى الذي وصلت له الهيئة.
وإذ نقدر كل الجهود التي يبذلها الدكتور توفيق الربيعة في هذا المضمار، ما زالت الآمال معقودة عليه في تقديم الأكثر لأن الصناعات بكل أنواعها وأشكالها هي جوهر التنمية الذي ننشده، وهي القيمة المضافة الحقيقية التي ينظر إليها الاقتصاديون في تقييمهم لمستوى النمو الاقتصادي لأي بلد. ولا يخفى على المطّلِع على أوضاع الصناعة في المملكة أن أكبر فئة مستفيدة من هيئة مدن هم المستثمرون الكبار، أي الاستثمارات التي تتجاوز الـ 50 مليون ريال للمشروع.
ولكن ماذا عن المشاريع الصناعية الصغيرة، التي لا تحتاج إلى أكثر من ثلاثة آلاف متر مربع لكل مشروع؟ هذه المشاريع تمتاز بعدة ميزات تجعلها تستحق أن تكون في سلم أولويات هيئة مدن. الميزة الأولى أن رأس المال المستثمر فيها صغير نسبيا، إذ لا يتجاوز رأس المال في معظم الأحيان ثلاثة ملايين ريال، الميزة الثانية هي أن معظم القائمين على هذه المشاريع هم من رواد الأعمال وليس رجال الأعمال الكبار. الميزة الثالثة هي أن نسبة السعودة في هذه المصانع تصل إلى 40 في المائة. الميزة الرابعة أن الأرباح السنوية لهذه المشاريع تتجاوز 20 في المائة، وهي نسبة مغرية جدا. الميزة الخامسة هي أن بعض هذه المشاريع هي مشاريع مبتكرة، تستحق الدعم والتشجيع.
إن هذه المشاريع تستحق تخصيص مبان جاهزة لها، كما فعلت الهيئة الملكية في الجبيل، لأنه وبكل بساطة، لا يستطيع رائد الأعمال المبتدئ بناء الأرض المخصصة له من هيئة مدن لأن رأسماله محدود جدا، وبالكاد يكفي لشراء الأصول ورأس المال العامل. أضف إلى ذلك، بعد المدن الصناعية نسبيا عن الأسواق، مما يشكل عبئا على رواد الأعمال في توظيف سعوديين، ونقل منتجاتهم إلى الأسواق المستهدفة، هذا عوضاً عن استحالة متابعة المشروع لو كان صاحب المشروع امرأة. أيضا، هناك مشاريع تتعلق بالصناعات الطبية، وهذه الصناعات يجب أن تكون بعيدة عن مصادر التلوث، ولا تحتاج لمساحات كبيرة، و تستطيع توظيف نساء سعوديات، ويبقى العائق هو المسافات الطويلة التي تجعل هذا مستحيلاً. إن توفير حاضنات صناعية قريبة من المدن لهذه المشاريع أمر في غاية الأهمية، وهو عائق يجب على وزارة الصناعة توفير حلول لتجاوزه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي