مستشار وليس موظفا
عادة ما تلجأ الشركات الخاصة أو المؤسسات الحكومية لجهات استشارية عند الحاجة إلى استشارة في مجال معين كالقانون والمحاسبة أو أي تخصص دقيق آخر، وقد تلجأ الحكومات لجهات استشارية على المستوى المحلي أو الدولي لوضع دراسة حول مشكلة ما أو مشروع تحتاج إليه الدولة، ومعظم هذه الاستشارات تتمحور حول جوهر المشكلة أو المشروع، فيكون الاتفاق بين الجهتين على عقد منقطع ينتهي بانتهاء الدراسة أو المشكلة أو المشروع. وتعتبر هذه الجهات الاستشارية المرخصة جهات محايدة ومحترفة، ليس من مصلحتها أن تفضي الدراسة أو المشكلة لاتجاه معين غير مصلحة الجهة التي كلفتها بإعداد الدراسة، بغض النظر عن وجهة النظر المسبقة لعملائها. ومن فوائد هذه الجهات الاستشارية اطلاعها على مشاكل الشركات والأسواق الأخرى، ما يعطيها القدرة الاحترافية على تقديم المشورة لمن يطلبها بناء على تجارب حقيقية وليست افتراضية. كما أن هذه الجهات تعتبر أقل تكلفة من الإقدام على المشروع أو اعتماد حل لمشكلة ما دون دراسة احترافية، وتنعكس احترافية ومصداقية كل جهة استشارية على حصتها السوقية.
بعض الشركات المتوسطة التي لا تكون قادرة على تحمل تكاليف المكاتب الاستشارية الباهظة، لكنها في الوقت نفسه تحتاج إلى خدمات استشارية، لا يكون أمامها إلا البحث عن الخبراء في مجال الاستشارة المطلوبة، لتتعامل معهم بشكل فردي ومقطوع، إلا أن هناك شركات أخرى تقدم على توظيف مستشارين بشكل دائم، معتقدة أنها بهذا تضرب عصفورين بحجر واحد، أي الحصول على الاحترافية العالية والتكلفة المنخفضة. إلا أن هذه الشركات تغفل عنصرا مهما قد يكلفها الكثير، فعندما تقوم الشركة أو المنشأة بالتعاقد مع مستشار من خارج بيئة المنشأة، فإنها تضمن حيادية نظرته للمنشأة، وتضمن أيضا أنه لن يحابي الملاك أو المساهمين في التوصيات التي سيعطيها لهم، ولن يكون مرتبطا بأي مصلحة مع مدير الشركة أو صاحبها.
عندما نوظف مستشارا، فإننا نخاطر بكل شيء، لأنه، بمرور الوقت، يتحول هذا المستشار إلى مجرد موظف، مهمته إرضاء من وظفه أو رئيسه، وقد يستغله بعض رؤسائه لتحقيق مآربهم، التي لا تكون بالضرورة في مصلحة الشركة، وقد رأينا أمثلة عدة لشركات تهوي، وكان مستشارو الشركة الموظفون أحد أهم الأسباب لخروجها من السوق.