أن تبقى صغيرا أن تنمو أكثر
يقر علماء الأحياء بأن نمو جسم الإنسان يتوقف عند سن الحادية والعشرين، فلا يزيد طول أطراف الإنسان وجسمه بعد هذه السن، عدا بعض الأجزاء. وفي الحقيقة أننا نجد هذا المبدأ ينطبق على الكثير من الأشياء من حولنا، ومنها الشركات الكبرى مثل وولمارت وسيفوي وجنرال موتورز. ولو تتبع أحدنا أداء هذه الشركات في الخمسينيات والستينيات، سيجد أنها حققت نموا كبيرا في بداياتها، وأما بعد ما أصبحت شركات ضخمة، تبيع بمليارات الدولارات سنويا، أصبح نموها محدودا جدا. والسؤال المهم هو: هل يمكن للشركات الكبرى النمو مثل الشركات الصغيرة؟
الجواب نعم، وقد تحقق هذا على أرض الواقع، وهناك أمثلة واضحة على تجارب نجحت في كسر هذه القاعدة. وقد يتجلى هذا في قطاعات متعددة، مثل صناعة السيارات والتكنولوجيا. المثال الأول هو شركة أبل المعروفة، وعلى الرغم من مضي أكثر من 25 سنة على تأسيسها كشركة مساهمة عامة، إلا أنها ما زالت تنمو بمعدلات كبيرة، ففي عام 2010م تخطت مبيعات الشركة 65 مليار دولار، وفي عام 2012م وصلت مبيعاتها لأكثر من 156 مليار دولار، أي نمو بأكثر من الضعف، وكذلك شركة هيونداي لصناعة السيارات، فقد بلغت مبيعاتها في عام 2010م 70 مليار دولار ، أما في عام 2012م، فقد تجاوزت مبيعاتها 75 مليارا، ونسب النمو هذه تعتبر كبيرة إذا ما قارناها بقطاع صناعة السيارات في العالم. ومن الخطأ الفادح نسبة النمو الذي حققته شركة مثل أبل لطبيعة قطاع التكنولوجيا، لأن هناك الكثير من شركات التكنولوجيا، التي حققت اختراعات كبيرة قد أفلست أو على وشك الإفلاس كشركة بلاك بيري، بل حتى شركة أبل نفسها ورغم تقدم تقنيات منتجاتها على غيرها في الأسواق، إلا أنها واجهت شبح الإفلاس.
إن السر وراء نمو أرباح بعض الشركات الضخمة بنسب كبير، على الرغم من وصولها (عمريا) لدرجة النضج هو في طريقة الإدارة الداخلية التي تنتهجها الشركة، ونحن لا نغفل العناصر الأخرى بطبيعة الحال التي تؤثر في هذا النمو، إلا أن السبب الأول الرئيس هو أن هذه الشركات تدار بطريقة رواد الأعمال، أي أن كل فريق عمل أو كل إدارة تتكون من رياديي أعمال، لديهم طموح كبير ومجال رحب للإبداع، أما السبب الثاني، فإن هذه الشركات تعتمد على أفكار وتطلعات الشباب، فمعظم موظفيها القياديين هم ممن لا تتجاوز أعمارهم الأربعين. إن الفئات العمرية الصغيرة التي تتمتع بروح ريادة الأعمال هم أفضل العناصر التي تؤدي إلى نمو الشركات وسيطرتها على حصص سوقية أكبر.