المنشآت الصغيرة والاستحواذ
تعاني الكثير من الشركات المتوسطة والكبيرة أزمة في نمو المبيعات أو الأرباح، وتتركز مثل هذه المشكلات في الشركات الكبيرة بشكل أكبر من المتوسطة، وذلك يعود إلى طبيعة نمو الطلب على منتجات هذه الشركات، ووصول الطلب إلى مرحلة النضج، وهي المرحلة التي يكون فيها الطلب على المنتج في أعلى مراحله، وعادة ما تتبع هذه المرحلة مرحلة موت المنتج، إما لدخول منافس أفضل أو انتفاء الحاجة إلى المنتج، أو نتيجة للتقدم التكنولوجي كما في التلكس. أما إذا استمر المنتج لفترة أطول في مرحلة النضج، فإن نمو المبيعات يعتمد على النمو السكاني العام أو النمو الاقتصادي للدولة، الذي يعتبر قليلا نسبياً.
ولهذه الأسباب، نجد أن الشركات العالمية دائما ما تتجه لتجديد منتجاتها كتغيير شكل المنتج، أو طريقة عرضه وبيعه، أو حتى بإضافة بعض الإضافات المشجعة للمستهلك، وقد تؤثر هذه الأمور في الطلب إيجابياً، لكن التأثير يظل محدودا جدا. ولعلاج هذه المشكلة المزمنة في قطاع الشركات الكبيرة والمتوسطة، نجد أنه في معظم الشركات الأمريكية هناك إدارة تقوم بالبحث للاستحواذ على بعض الشركات الصغيرة، التي تمثل للشركة المستحوذة فرصة للنمو، وتسمى هذه الإدارة إدارة الاستحواذ، لكن هذا الاستحواذ لا يكون كاملا عادة، بل يترك لملاك الشركة الصغيرة جزءا من الأسهم، لضمان بقائهم في الشركة، لأنهم أصحاب الفكرة، وأقدر الناس على إدارتها.
قبل أيام سمعت عن تجربة رائدة لأحد الأصدقاء، قام هو وأصدقاؤه بإنشاء شركة تعنى بالتجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة، وبعد جهد أربع سنوات، استطاع هو وفريقه تحقيق نجاح باهر، ما حدا بإحدى الشركات الكبيرة للتقدم بعرض شراء شركتهم بمبلغ خمسة ملايين دولار، وعلى الرغم من رفضهم عرض هذه الشركة، إلا أن هذا العرض زادهم تصميما على تحقيق نجاح أكبر.
ما يهمنا هنا أن هذا الأسلوب الذي تتبعه الشركات الأمريكية وغيرها في البحث عن النمو غير مستخدم بشكل واسع في المملكة، على الرغم من وجود تجارب ريادية للشباب السعودي في إنشاء شركات ومؤسسات تجارية ناجحة. لو كان هذا التوجه متبعا لدى الشركات الكبيرة والمتوسطة في المملكة ستكون له نتائج إيجابية كبيرة على مستوى أداء الشركات نفسها، وعلى مستوى الاقتصاد العام للمملكة، خصوصا إذا علمنا أن حجم الاستثمار في المنشآت الصغيرة يتجاوز 300 مليار ريال.