تسويق الانتماء
لم يجف مداد مقالي السابق الذي تحدثت فيه عن أزمة تسويق تسيطر على الأندية والشركات المتخصّصة تسبّبت في جمود العلاقة بين الأطراف الثلاثة المباشرة؛ النادي والشركة الراعية والمشجع حتى أعلن النصر بادرة استثمارية تدفع بهذه العلاقة نحو فضاء الشراكة التي تحفظ حقوق الجميع حتى لو كان هذا التسويق من باب الانتماء والوقوف مع الفريق.
بطاقات الانتماء التي أعلنها النصر هي خطوة استثمارية جديدة بعيداً عن التقليدية؛ لتطوير بطاقات العضوية التي كانت في السابق دون مزايا يمكن أن تشجّع الجماهير على الاشتراك فيها، بينما الآن الوضع اختلف وأصبح لمُحبي النصر حق تذاكر حضور المباريات ومتابعة التدريبات والالتقاء باللاعبين والتمتع بالحسومات على الفنادق وغيرها بمجرد الاشتراك فيها.
هذه الخطوة بلا شك بداية جيدة في عالم الاستثمار الذي كلما اقتربت منه الأندية ابتعد عنها، لكن بما أنها بداية لإنعاش العلاقة بين الأطراف المعنية بالدعم سأطرح أسئلة مهمة لها علاقة مباشرة بفن ومهارة التسويق لمنتجات رياضية كهذه: هل وُفقت إدارة النصر في اختيار التوقيت المناسب لطرح مثل هذه المنتجات؟ ولماذا لم تستثمر لاعبيها الكِبار المعتزلين كماجد والهريفي ومحيسن والنجوم الحاليين وجميع أعضاء الشرف في تنظيم حملة دعائية مكثّفة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لدعوة الجماهير للإقبال على هذه البطاقات؟ وهل تكتفي إدارة النصر بمثل هذه الخطوة الحيّة كمنتج استثماري وحيد؟
بالتأكيد الإجابة عن مثل هذه التساؤلات تحتاج إلى عُمق استثماري يبعدنا عن المربع الأول الذي لا تزال الأندية تعانيه، وتفتقد الكفاءات المتخصّصة في التسويق بمهارة للمشاريع الاستثمارية المطروحة في السوق، لذلك لم أستغرب التوقيت غير المناسب الذي تمّ فيه إعلان هذا المنتج الأصفر، والحملة الضعيفة من إدارة النصر التي هي باختصار دعوة لا تتجاوز الأحرف المسموح بها في تغريدة من رئيس النادي، ونائبه، على ''تويتر'' من أجل دعوة جمهور النصر إلى الإسهام بالاشتراك في بطاقات الانتماء لدعم الفريق وزيادة مداخيله.
المشكلة الأخرى التي يمكن أن تقف في وجه مثل هذه المشاريع الاستثمارية، أن الكل يتحدث عن حب الجمهور للنصر، وأنه لن يتوانى في الاشتراك والمساهمة، لكن المقاييس الاستثمارية لا يمكن أن تنجح إذا تمّ تغليفها بمثل هذه العبارات العاطفية التي لا تدر مالاً بقدر ما تفشل أي مشروع ربحي يعتمد على معايير تسويقية إنشائية!
مشروع تسويق الانتماء خطوة ذكية من إدارة النصر، ودعوة غير مباشرة لجميع الأندية الجماهيرية للاستفادة من هذه التجربة الجديدة؛ كتسويق متنوع، والقديمة كفكرة، حتى لو اكتنفتها الأخطاء وغاب عنها التخطيط الذي يمكن أن يستقطب أكبر عدد في البداية، لكنها – برأيي- نقطة في بحر الأفكار الاستثمارية الكثيرة التي يمكن أن تفتح المجال واسعاً لزيادة الموارد المالية التي طالما انتظرتها الأندية وانتظر الإعلام الرياضي نتائجها على أرض الواقع.