عندما يفشل التسويق

قلتها مراراً وتكراراً إن الأندية السعودية والشركات الرياضية لا تزال تعاني وبشدة على صعيد توافر الكفاءات المتخصصة التي تملك مهارة التسويق للأندية والترويج لأفكارها الاستثمارية أو الاستفادة من المناسبات والمؤتمرات الرياضية المتعددة التي تعد مفتاحاً هائلاً لجذب المزيد من المداخيل المالية كما يحدث في دول الخليج وآسيا التي سبقتنا كروياً واستثمارياً.
أزمة التسويق هذه تبدو جلية في أندية النصر والأهلي والشباب والاتحاد التي انتهت عقود رعايتها منذ أشهر دون أن تستطيع تقديم حزمة برامج ترويجية مدعمة بالأرقام والإحصائيات والوثائق من أجل إقناع الشركات والمؤسسات بإبرام عقود جديدة تتناسب مع جماهيرية هذه الأندية ونجومها وبطولاتها، وتتواءم كذلك مع التغطية الإعلامية الكبيرة التي تحظى بها هذه الأندية في الصحف والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتسهم في تخفيف حدة الأزمات المالية التي تشكو منها.
الأسوأ من ذلك أن هذا الفشل التسويقي لم يعد مقتصراً على هذه الأندية التي أخفقت بشكل كبير في لفت أنظار الشركات والتعامل معها فحسب، بل أصبح مشكلة عامة في وسطنا الرياضي لدى أهل الاختصاص أيضاً؛ رأيناها بوضوح في شركة متخصصة في التسويق والتنظيم الرياضي، ومع ذلك فشلت هي الأخرى في الترويج لمباراة كروية بين عمالقة المنتخب السعودي مع البرازيل الأسبوع الماضي، وسط حضور جماهيري ضعيف، وحملة إعلانية أشد ضعفاً، وتغطية إعلامية لا تتناسب مع حجم اللاعبين العمالقة المعتزلين أو تأثير النجوم الذين ما زالوا يواصلون ركضهم في الملاعب.
هذه الوقائع أفرزت لنا حجم التعثر الكبير الذي يحدث في المجال الاستثماري، وأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أننا فاشلون في تقديم المشاريع التسويقية وابتكار الأفكار المربحة، وما زلنا نعاني بشكل واضح من غياب المتخصصين المؤهلين في مجال الاستثمار على الرغم من وجود قنوات متعددة وهائلة في الأندية والمناسبات الرياضية تستحق أن تقدم بالشكل اللائق استثمارياً، لجذب القطاع الخاص بعيداً عن العلاقة الصورية التي اكتنفت مسيرة الأندية مع رعاتها في المرحلة الأولى والتي لا تتجاوز إيداع المبالغ المخصصة للرعاية في الأوقات المتفق عليها، أو الطريقة التقليدية التي تتبعها الشركات في المناسبات الرياضية والتي أستطيع أن أقول إنها تنفِّر ولا تجذب!
لقد تطورت استراتيجيات التسويق والجذب الاستثماري، ولعلي أستشهد بالمهارات التسويقية المتطورة من قبل الشركات والمؤسسات والاتحادات الرياضية في أولمبياد لندن الماضي، التي لم تترك باباً استثمارياً إلا طرقته، فكان من الطبيعي أن نرى استثماراتها وشراكاتها ومنتجاتها وأفكارها المبتكرة على حسابات الرياضيين المشهورين في مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك".
هذه هي العلاقة الحية التي تنعش جميع الأطراف استثمارياً، أما الأساليب التي تسير عليها الأندية والشركات الرياضية السعودية فهي أساليب بدائية بعيدة عن عالم الاحتراف الذي ما زلنا نحلم به، وأبعد بمراحل عن مشروع الخصخصة التي نسمع بها ولا يمكن أن نراها على أرض الواقع!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي