عين الرضا والسخط في النصر
لم أجد عنواناً يمكن أن يتسق مع واقع النصر غير مضمون البيت الشهير الذي يقول: وعين الرضا من كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا فمستقبل النصر بات رهناً لثقافتين لا حل وسط بينهما؛ الأولى تفاؤلية صرفة يقودها الإعلام والجمهور النصراوي، تتغاضى عن الأخطاء ولا ترى بعينها إلا كل ما هو إيجابي، لذا من الطبيعي أن تتفاءل كل عام بعودة الأصفر إلى البطولات، وحين تقع الفأس في الرأس وسط الموسم ويتطلب الأمر تدخلاً نقدياً يعالج الوضع السيئ لتصحيح ما يمكن، فإنها لا تحيد عن نهجها الذي تسير عليه، بل تزيد الأمر سوءاً، وتبدأ حملاتها المنظمة التي تنادي بالدعم والوفاء، حتى تنسى كل الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة شيئاً فشيئاً!.
الثقافة الأخرى تشاؤمية محضة يقودها بعض أعضاء الشرف، وقد وردت بشكل واضح وصريح في حوار الأمير جلوي بن سعود في صحيفة "الشرق" أمس الأول، فمن وجهة نظرهم كل تحركات رئيس النصر التي يقوم بها منذ تسلمه الرئاسة غير مقنعة، ولا يمكن أن تقود إلى البطولات، وستبدو آثارها السلبية حتى وإن كان العمل بحجم صفقة الشاب يحيى الشهري التي قاربت الخمسين مليوناً أو صفقة الشاب الآخر الجيزاوي، أو السفياني، ناهيك عن رجيع الأندية وكبار السن!.
بين نزعة التفاؤل ونبرة التشاؤم .. يبرز السؤال المهم في هذا التوقيت: هل من الممكن أن يعود النصر كما كان بطلاً بمثل هاتين الثقافتين المتضادتين؟
برأيي لن يعود النصر إلا بثقافة جديدة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، هذه الثقافة تعد الحلقة الأهم في طريق العودة، لكنها ما زالت مفقودة وتسهم بشكل مباشر في ضبابية الرؤية لدى الإدارة كل عام.
هذه الحلقة تتمثل في النقد الموضوعي الذي يعد جانباً مهماً وأساسياً، فلا يغيب وقت تفاؤل النصراويين بعودة أصفرهم، ولا يمكن أن يتوارى تحت مظلة التشاؤم المفرط، بل يجب أن يكون حاضراً في كل وقت، مهما تغيرت الظروف أو توالت الانتصارات أو زادت سنوات الغياب، ليسهم في توضيح الرؤية ووضع الإدارة النصراوية في دائرة الرأي والنقد.
لقد عملت إدارة النصر وبذلت وصرفت، وتعد صفقاتها الأخيرة دليلاً على حدوث تطور كبير على مستوى التعاقدات والاستفادة من الأخطاء، لكن ذلك كله لا يمكن أن يمنع الناقد من إبراز السلبيات الجديرة بالتنويه، فالنصر إذا أراد المنافسة على البطولات لا بد أن يمتلك مدير كرة يمتلك الخبرة والتهيئة النفسية التي افتقدها طوال المواسم الماضية، ومدرباً يدرك أنه لا يزال يعاني في منطقة الحراسة والدفاع بشكل واضح، ورئيساً يدفع مستحقات اللاعبين بانتظام، ومن يقول بغير هذا الكلام فمن الطبيعي أن يمثل إحدى الثقافتين المتقاطعتين اللتين تقودان النصر على ما هو عليه حتى الآن!.