شيعة وسنة
لعل موضوع الاختلاف المذهبي داخل السعودية من أكثر المواضيع حساسية، بل يعتبرها البعض من التابوهات التي لا يجب الحديث عنها في السر، عوضا عن العلن. إلا أن الحلقة الجريئة التي عرضها تلفزيون روتانا والتي قدمها الأستاذ علي العلياني قد أزاحت الستار عن هذه المسألة بجرأة وتميز كبيرين.
الأهم في موضوع هذه الحلقة أن الأسئلة التي تم طرحها على المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة هي نفسها التي تدور بين السعوديين بعضهم بعضا داخل المملكة، ومن المحزن جداً أن نجد أنفسنا أغرابا عن بعضنا البعض داخل وطننا، وتكون الغربة هي الدافع الأول الذي يجعلنا نقرأ بعضنا البعض بهذه الشفافية والوضوح. عندما كنت في الولايات المتحدة، كانت حالة التعارف والتقارب هذه في بداياتها، ومع ما يشوب أي بداية من شوائب، إلا أن حالة التقارب والتعارف بين الفئات المختلفة من السعوديين كانت في ظل حالة قانونية تكفل حقوق الجميع، فلم يعد أحد يخشى من الآخر. وبالرغم من الحذر الذي كان يتعامل كل طرف مع الآخر به، تأسست أرضية صلبة أنتجت صداقات وتلاحما قويا بين مختلف أطياف الشارع السعودي، نستطيع البناء والمراهنة عليها لمستقبل أفضل وقلوب أصفى تجاه بعضنا البعض.
إن هذا المكتسب الذي تحقق على يد الدفعات المتتابعة من المبتعثين يجب المحافظة عليه، لأنه مكتسب ثمين جداً، وهو كفيل برسم مستقبل أفضل وأجمل لوطننا. وبقدر حجم هذا الإنجاز، بقدر حجم المسؤولية التي تقع على عاتق المبتعثين العائدين في نقل تلك اللحمة الوطنية التي تذوب أمامها تلك الفوارق الوهمية والخلافات التي تراكمت على مر سنين طويلة إلى وطنهم. إن الواجب على الجميع التركيز على المشتركات العظيمة التي نشترك بها والحفاظ عليها، بل وتربية أبنائنا عليها، لكي نكون بمختلف مشاربنا المذهبية والفكرية نجتمع على مبدأ وطني واحد، وهو وحدة هذه الأرض وسلامتها من القطيف إلى جدة، ومن تبوك إلى جازان.