من تاريخ فرساي

بقدر ما يشكل قصر فرساي الواقع على ضواحي باريس تحفة فنية قل نظيرها، وبقدر ما يوحي بالتقدم الفني والمعماري إبان تلك الفترة "القرن السادس عشر" بقدر ما يشكل علامة بارزة على الغرور والاستبداد السياسي الذي مارسه ملوك فرنسا المتعاقبون. فالذي يزور هذا القصر وبقية قصور فرنسا يدرك جيدا أن بناء فنيا كهذا يكلف الكثير من الجهد والمال حتى في زماننا هذا، فما بالك بذاك الزمان، وهذا كان تقليدا لكل ملك من ملوك فرنسا أن يبني قصرا جديدا بعد توليه الحكم.
وعلى الرغم من وجود مجلس تمثيلي جله من النبلاء ورجال الدين، وجزء صغير يمثل باقي أفراد الشعب، إلا أن هذا كله لم يمنع لويس السادس عشر آخر ملوك فرنسا من الاستبداد بالقرار تحت تأثير زوجته ابنة ملكة النمسا، حتى أوصل بلاده إلى حافة الإفلاس، وتحت ضغط الشعب والمظاهرات العارمة، قبل لويس بأن يقسم المجلس إلى ثلاثة أثلاث، ثلث للنبلاء وثلث لرجال الدين وثلث لبقية الشعب، وعلى الرغم من أن هذا كان مطلبا من مطالب المحتجين، إلا أنهم لم يقبلوا به.
حاول لويس تحت ضغط زوجته النمساوية أن يعين وزيرا للمالية من خارج دائرته، إلا أنه سرعان ما أقاله لتخفيضه من مصروفات القصر والنبلاء، تحت ضغط من رجال الدين والنبلاء. كان ضعف لويس السادس عشر هو السبب الرئيس الذي أدى للثورة. ثار الناس وجرت الدماء، وأعدم الملك والملكة، إلا أن الغريب أن سجن الباستيل الذي هدم والذي كان رمزا للاستبداد لم يكن فيه إلا 13 سجينا ساعة اقتحامه. أحدهم طفل في 13 من عمره، ولم يكن أي من المساجين سياسيا، عدا واحد.
قصة لويس على دمويتها و بشاعتها، إلا أنها تمثل درسا قاسيا لبقية الشعوب حكاما ومحكومين، فدموية الثوار ونقمتهم جعلت البلد في دوامة لعشر سنوات، وعناد لويس وضعفه قاداه للمقصلة هو وزوجته، وعلى الرغم من قسوة الثوار غير المبررة، إلا أنه لا صوت للعقل يسمع في ذلك الحين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي