علامات تجارية محلية تسعى للعالمية
ما لم تكن تعيش في عالم ترفض فيه مفهوم هويات المنتجات، فأنت غارق تحت تأثير العلامات التجارية. ربما لا تكون مدركاً لذلك، لكن العلامة التجارية هي التي جعلتك تشتري هذه الصحيفة اليوم. وهي السبب في أنك تقود السيارة التي تقودها، والسبب في أنك لا تقول "سأبحث عن هذا في موقع بينج، بدلاً من البحث عنه في موقع جوجل".
وتشكل الأسواق الناشئة أكثر من 40 في المائة من الناتج العالمي، لكن لا وجود لعلامات تجارية معروفة فعلاً على المستوى العالمي من إنتاج الأسواق الناشئة، فما السبب؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه المؤلفان نيرماليا كومال، من كلية لندن للأعمال، وجان بندكت ستينكامب من كلية "يو إن سي كينان فلاجلر" لإدارة الأعمال. وهما يعتقدان أن لديهما الجواب. وفي كتابهما المعنون "النجاح الكبير للعلامات التجارية"*، يحددان العوامل التي تحول في رأيهما من أن تصبح العلامات التجارية الكبيرة في البلدان الناشئة معروفة للجميع وعلى كل لسان من ريو دي جانيرو إلى باريس وشنغهاي.
وأي شخص لديه اهتمام يفوق الاهتمام العابر بكيفية تطور العلامات التجارية العالمية ينبغي أن ينتبه لهذا الكتاب.
يعطي الكتاب ثمانية سيناريوهات يمكن أن تتبعها العلامات في الأسواق الناشئة، مثل أنموذج السلحفاة الآسيوية (أي الانتقال التدريجي من المنتجات الرخيصة إلى المنتجات الراقية، كما حدث مع السيارات اليابانية)؛ ومسار البطل القومي (مثل أيرباص وفولكسفاجن)؛ أو استخدام المهجر لتعزيز التعرف على العلامة التجارية (مثل كورونا)؛ ثم أوضح الطرق، وهو الاستحواذ على العلامة التجارية.
وهناك خلاف حول التعريف: ما هي الأسواق الناشئة؟ بالنسبة للمؤلفَين، تعتبر كوريا الجنوبية في فئة "البلدان المتقدمة"، وبالنسبة لكثير من المستثمرين، لا تزال من الأسواق "الناشئة". وهذا أمر مهم لأنه لو كانت كوريا الجنوبية من بلدان الأسواق الناشئة، فإن "سامسونج" و"هيونداي" و"كيا" تعتبر من العلامات التجارية للأسواق الناشئة. وهذا يقوض أطروحة المؤلفَين التي تقول إنه لا توجد علامات تجارية عالمية بارزة من بلدان الأسواق الناشئة. ووفقاً لتصنيف شركة الاستشارات إنتربراند لعام 2012، احتلت "سامسونج" تاسع أفضل علامة تجارية في العالم.
وعلى الأقل نستطيع أن نتفق على أن الصين من الأسواق الناشئة. فأين هي علاماتها التجارية؟ كما يشير المؤلفان، حين تسأل شخصاً ما في الغرب أن يذكر لك علامة تجارية صينية، فإنه بالتأكيد سيحتاج إلى وقت للتفكير. لكن ليس معنى هذا أنه لا توجد علامات تجارية. يقول المؤلفان إن علامة هاير (للأجهزة المنزلية) ولينوفو (للكمبيوتر الشخصي) هي أكثر العلامات مبيعاً في العالم في صناعتيهما.
وبطبيعة الحال تستطيع شركات الأسواق الناشئة دائماً أن تشتري علامات تجارية دولية بدلاً من تطوير علامة محلية من الصفر. ومن جاجوار ـ لاند روفر (التي اشترتها شركة تاتا الهندية) إلى ويتابيكس (التي استحوذت على قسم منها شركة برايت فود الصينية)، تقتنص بعض الشركات العلامات الغربية. وهذا الأسلوب لا ينجح دائماً، لكنه سيستمر.
لا يبحث المؤلفان بعمق نفسية مشتريات العلامات التجارية بالنسبة للمستهلكين. فهل ويتابيكس الآن علامة تجارية "صينية"؟ ليس فعلاً. والمستوى العالي من التعقيد لبعض المنتجات ربما يعني أن مسألة الأسواق الناشئة تبسيطية أكثر من اللازم.
هناك كذلك موضوع الزمن. ومن بين الطرق الثماني الممكنة التي يقول المؤلفان إن العلامات التجارية يمكن بها أن "تحقق النجاح الكبير"، بعضها يحتاج إلى عقود، خصوصاً في حالة "السلحفاة الآسيوية"، وهو أنموذج الشركات اليابانية والكورية. هل تصمد الأطروحة القائلة "لا توجد سابقة لبلد يتطور ليصبح من البلدان المتقدمة دون أن تظهر منه بعض العلامات العالمية؟". إن فترة الانتظار التي تدوم 20 سنة حتى نعرف الجواب طويلة أكثر مما يجب.
لكن هذا لا يهم. فالكتاب موجه إلى المديرين من الأسواق الناشئة، وإلى الذين يريدون أن ينتبهوا للمنافسة. ومن هذا الباب، وبما فيه من ملخصات وحالات دراسية ممتازة، يعتبر الكتاب جديراً بالقراءة من قبل أي شخص مهتم بكيفية تشكيل العلامات التجارية وتغيير التصورات في الأذهان.
ما العلامات التي ينبغي أن نبحث عنها في السنوات القليلة المقبلة؟ بعض الأسماء المرشحة اكتسبت الاعتراف بها خارج بلدانها، مثل هيربوريست، وزوكزوج، وناتورا، وهافايناس، وآيسيسي، ICICI، وجالانتز.
وإذا كنتَ تعرف هذه العلامات، سجِّلها في ذهنك. وإن كنت ممن لم يسمعوا بها، تأكد من الوضع في عام 2018 لترى إن كانت بالفعل قد حققت "النجاح الكبير".