العنوان إلزامي وجزء من بيانات الهوية
سبق أن ناقش مجلس الشورى أهمية تحديد العناوين لجميع الأشخاص الاعتبارية من شركات ونحوها، والأشخاص الطبيعية من أفراد وغيرهم، وذلك لأغراض المراسلات الرسمية، كما تبنّى البريد السعودي مشروعا ضخما لصناديق البريد التي تعتبر العنوان الأفضل للمراسلات، لكن لعدم وجود غطاء قانوني إلزامي بقيت هذه الفكرة حبيسة التنفيذ الجزئي وبحسب قناعة الأشخاص وأهمية العنوان البريدي بالنسبة لهم رغم أن المعمول به دوليا عدم قبول أي تعامل مع أي شخص كان دون تحديد عنوانه لأغراض المراسلات والإخطارات والبلاغات ونحوه.
وأخيرا صدر قرار مجلس الوزراء الموقر عن ترتيبات تفعيل المواد الخاصة بعناوين الإقامة أو العمل التي حددت مهلة تحديث البيانات إذا طرأ عليها أي تغيير خلال مدة أقصاها 60 يوماً من التغيير مع تطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام الأحوال المدنية أو نظام الإقامة أو نظام السجل التجاري بحسب الأحوال على كل مخالف، وهذا يعني أن إلزامية تحديد العناوين أصبحت تحظى بمظلة قانونية هي قرار مجلس الوزراء ومرسوم ملكي سيصدر لتعزيز قرار مجلس الوزراء.
وهناك مهلة قانونية، حيث سيكون هذا التطبيق بعد مضي خمس سنوات من تاريخ نفاذ هذا التنظيم الجديد إلا أن عدم تحديد محل الإقامة أو تعديله خلال 60 يوماً من تاريخ تغييره يعرّض الشخص للعقاب بغرامة مالية لا تزيد على عشرة آلاف ريال لدى جهة الأحوال المدنية التي تؤكد أن من واجب كل شخص أن يحدد محل إقامته، ومكان عمله، وعنوانه، ووسائل الاتصال به من صندوق بريد وبريد إلكتروني ورقم هاتف وغير ذلك من العناوين، والإبلاغ عن أي تغيير في حينه، وهو تطبيق للنظام دون إلزام بالحصول على صندوق بريد وفقاً للائحة التنظيمية للأحوال المدنية، إلا أن كل شخص مسؤول عن صحة ما قدمه من بيانات وما يترتب عليها من آثار والتزامات.
إن الهدف من تحديد العناوين يتجاوز فكرة تقديم الخدمة البريدية، فهناك آثار قانونية تترتب على التعامل مع الأشخاص الاعتبارية والطبيعية، خصوصا الإخطارات والإشعارات من الجهات الرسمية والمحاكم ومؤسسات القطاع الخاص، حيث يجري العمل في الأحوال المدنية على تحديد محل الإقامة العام على صورة من صك ملكية العقار أو صورة من عقد الإيجار أو تعريف من جهة العمل أو تعريف من العمدة أو شيخ القبيلة أو المعرف المعتمد رسميا، وهي بيانات قابلة للتغيير الدائم دون علم من الأحوال المدنية.
إن العنوان البريدي يشكل إحدى دعائم البنية الأساسية لتطبيق مبادرات التعاملات الحكومية الإلكترونية وتفعيل خدماتها والاستفادة من البيانات لخدمة أفضل للجميع، لذا فإن الجميع مدعوون لتحديث بياناتهم حسب نظام الأحوال المدنية ولائحته التنفيذية متى تم تغيير بيانات العنوان، وهو إجراء يمكن اتخاذه عند مراجعة الأحوال المدنية لإصدار بطاقة أو إضافة أو حذف أو تعديل أي معلومات من معلومات حالته المدنية.
لقد تم في وقت سابق تشكيل لجان متخصصة تعمل على تنفيذ آلية تطبيق العنونة الشاملة الهدف الأساسي منها أن يتم إيصال البريد للمواطنين وتقديم الخدمة البريدية، إضافة إلى أنه يمكن الاستفادة منها لتحديد المواقع للجهات الإسعافية أو القضائية أو المؤسسات الخدمية أو للتواصل بين المواطنين أنفسهم، ففي معظم الدول المتقدمة يعتبر العنوان عنصرا أساسيا من هوية الأفراد، وأصبحت الرؤية حول آلية إلزامية تطبيق العنونة الشاملة الإلكترونية واضحة وستكتمل خلال خمس سنوات إثر قرار مجلس الوزراء وتوصية مجلس الشورى ليكون هذا العنوان جزءا أساسيا من هوية المواطن والمقيم في المملكة.