الطائفية المنقوصة

الحرب ضد الطائفية عمل نبيل. ويبدو من خلال الملاحظة الدقيقة أن حسم هذه المعركة لا يزال عصيا في العالم العربي. إذ إن الأمر ممتد لمئات السنين، ولا تزال جذوته مشتعلة. يسهم في تأجيجها أطياف داخل الطوائف وخارجها بلا استثناء.
الطائفية عمل إجرامي ضد الإنسان وضد الأوطان. والطائفيون الذين يلوذون بمزاعم الانتصار للطائفة، أكثر الناس كذبا على أنفسهم ومن حولهم.
الطائفية تمثل الصورة المقابلة للحقد. وهي تختزل الحقد في تصرفات لفظية وفعلية، تنتهي بإراقة الدم باسم الله بزعم كل طيف من الأطياف. ومن المؤلم أن كثيرين يرفعون شعارات محاربة الطائفية، لكنهم في النهاية يمارسون طائفية عمياء. إذ إنه يعتبر الآخر هو الطائفي، لكنه ينزه ألفاظه وتصرفاته وفتاواه ويعتبرها خارج النسق الطائفي لأنه ـــ بزعمه ـــ على حق. لقد شهدنا مثل هذه العبارات في خطابات شيعية وسنية. وكانت هذه الخطابات المتطرفة تؤذي اللحم وتكسر العظم في أجساد أوطان المسلمين على مدى التاريخ.
وربما هذا هو الدافع لاعتماد البعض القول عند سؤاله عن طائفته، الرد بشكل ساخر: أنا شني أو سيعي. في محاولة للتأكيد أن هذا الإرث الطائفي الذي يتم تغذيته في مختلف أرجاء عالمنا الإسلامي، هو في النهاية لا يصب في مصالح الأوطان. إن المصالح المشتركة التي تربطنا كمسلمين مع غير المسلمين، ينبغي أن تكون هي ذاتها الشعار الذي يرتفع بين طوائف المسلمين، إذ إن لم يتسع الأفق التاريخي لوجود طيف واحد، فإن آفاق المصالح التي وسعت الآخرين يمكنها أن تسع أبناء الأوطان الواحدة، سواء كانت هذه الطوائف في الدين الواحد، أو في الأديان الأخرى. وليكن العقاب على الجريمة للفرد باعتباره جزءا من وطن، وليس جزءا من هذه الطائفة أو تلك.
إن التصدي للطائفية، لا يتحقق بشكل منقوص. هو يتحقق عندما تنتفي النظرة الطائفية، بحيث يسود الحياد تجاه أي ممارسة طائفية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي