ما الذي ينقص العلاقات السعودية - التركية؟

تعترف الرياض وأنقرة بأن كلا البلدين يشكلان ثقلاً سياسياً واقتصادياً في المنطقة والعالم، ويتفقان أيضاً على ضرورة رفع مستوى التعاون بينهما والتنسيق في جميع القضايا وعلى رأسها السياسية والاقتصادية، وإذا كانت التفاهمات السياسية وصلت إلى مرحلة من تنسيق المواقف حول القضايا الإقليمية والدولية بشكل مستمر، الأزمة السورية مثلا، ففي الجانب الآخر لا يزال التعاون الاقتصادي والصناعي بين البلدين لا يرقى لسقف التوقعات بين عملاقين اقتصاديين ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما. وإذا كان لزيارتي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتركيا عامي 2005 و2006 الدور الأكبر في التأسيس للعلاقة المتميزة التي يجني البلدان فوائدها حالياً، فإن الزيارة التي يقوم بها حاليا ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز لأنقرة، وتختتم اليوم، تسجل كدفعة قوية تعزز التعاون بين الرياض وأنقرة وتكسر الحواجز العديدة التي تحد من الاستفادة الفعلية من إمكانات كل اقتصاد للآخر، ولعل الاتفاقية المشتركة بالغة الأهمية التي وقعها الطرفان أمس، وتعنى بالتعاون الصناعي الدفاعي، تعطي الآمال في استفادة حقيقية من إمكانات متوافرة بين السعودية وتركيا، والوصول بها إلى آفاق أرحب على أرض الواقع. ويمكن القول إن اتجاه الرياض للتصنيع العسكري المحلي، وسعيها لامتلاك صناعة دفاعية محلية المنشأ، قد يجد ضالته بالاستفادة من الخبرات التركية في هذا المجال، فأنقرة لديها تجربة ناجحة، حيث كانت تعتمد اعتماداً رئيساً على شركائها في حلف الناتو لتسليح قواتها المسلحة، قبل أن تتحول تدريجياً إلى تطوير صناعاتها العسكرية وتحقق تميزاً لافتاً بشهادة حلف الناتو ذاته، فيما تتجه حالياً إلى رفع درجة التصنيع العسكري بتصنيع أول طائرة حربية مقاتلة خلال عامين، وتتطلع أنقرة لأن تحل هذه الطائرة المقاتلة بديلاً لطائرات إف 16، كما أنها انتهت من مرحلة التصميم والتطوير لأول طائرة دون طيار التي أطلق عليها ''العنقاء''. بحسب ما نشرته ''الاقتصادية'' أمس، فإن التجارة الخارجية بين السعودية وتركيا ارتفعت من ملياري دولار عام 2004 إلى ثمانية مليارات عام 2012، وهو رقم بكل تأكيد لا يليق بحجم اقتصاد البلدين ولا بحجم العلاقات السياسية الوثيقة بينهما، ناهيك عن إغفال توجيه الاستثمارات بين البلدين إلى المشاريع المشتركة التي تعد مجالات خصبة لتنمية تلك الاستثمارات، ومن أبرزها: المصارف، المقاولات، خدمة الاستشارات الهندسية، العقارات، المنتجات الغذائية والزراعية، صناعة الدفاع، البتروكيماويات، والطاقة. الناتج المحلي الإجمالي للسعودية يبلغ 680 مليار دولار يضعها في المركز الثالث والعشرين على مستوى العالم، بينما تركيا يبلغ حجم ناتجها المحلي 729 مليار دولار وتحتل به المركز السابع عشر عالمياً، ومع أن العلاقات السياسية بين البلدين في أوج توهجها، إلا أن العلاقات الاقتصادية ليس من المبالغة وصفها بأنها في حدها الأدنى على الرغم من كل الجوامع المشتركة التي يمكن أن تفيد الاقتصادين معاً. السياسيون في العلاقات السعودية ـــ التركية مهدوا الطريق جيداً لعلاقات اقتصادية أكثر فاعلية، بقي الدور على رجال الاقتصاد لاغتنام الفرص المتاحة وعدم تأخيرها أكثر مما هي عليه الآن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي