رعاية الفتح
تبدو الصورة غير واضحة في مسألة آلية رعاية الشركات لأنديتنا على الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على هذه الشراكة، فالرعاية في الأغلب تتجه إلى الماضي، حيث الأندية الكبيرة ولا غير، أما الأندية التي أصبحت تقدّم عطاء ثابتاً، وتعيش استقرارا فنياً، ولها جماهيريتها، وتحقق الدوري البطولة الأهم على مستوى بطولاتنا فما زالت بعيدة كل البعد عن أنظار الشركات.
بالتأكيد أن الشركات تخضع أيّ عقد تريد تسويقه لدراسة مكثفة وذات نظرة مستقبلية تبين جدواه الاقتصادية، لكنني أريد أن أطرح سؤالاً في غاية الأهمية: ما الأجدى لهذه الشركات أن ترعى نادياً نموذجياً كالفتح حقق الدوري بمستوى فني ثابت وفكر إداري شاب، واستطاع بميزانية متواضعة أن يقهر الكبار باختيارات فنية دقيقة، وجهاز تدريبي يعرف أدق تفاصيل الفريق منذ خمس سنوات أم تغامر في رعاية أندية ما زالت بعيدة عن مستواها ولا تحقق أهدافها الاستثمارية؟
إن العنصر الرئيسي في مجال الرعاية يتمثل في الأندية، ولا يمكن أن تغري الشركات بالتوقيع معها إلا إذا قدمت صورتها المبهرة فنياً وإدارياً، داخل الملعب وخارجه، ولذلك لا أستغرب أن تتكتل الأندية (الكبيرة) وتمضي وقتاً طويلاً في التفاوض، لأنها في الحقيقة تشعر بصعوبة موقفها، وكان من الطبيعي أن تتأخر في إقناع شركة الاتصالات ما دامت مستوياتها أقل من المأمول طيلة السنوات الماضية.
الآن بعد تحقيق نادي الفتح النموذجي لقب الدوري، وتقديم صورته الرائعة والمستقرة طيلة السنوات الماضية لا أشك لحظة واحدة في أن أبناء الأحساء في طريقهم لتغيير آلية الرعاية وإعادة النظر في عقود الشراكة، وإغراء الشركات بالتسابق على رعاية الفتح، والترويج لمنتج فائق الجودة، فرض نفسه بقوة في الساحة الرياضية والإعلامية، وأعطى مؤشرات إيجابية لكسر الانتقائية والتركيز على أندية دون أخرى.
لقد حان وقت رعاية نادي الفتح وفقاً لمعطيات كثيرة على أرض الواقع، فالعمل الكبير الذي قدمه لم يأت من فراغ، ولم يكن وليد هذا الموسم فحسب، ويكفي الشركات أن هذا الفريق أصبح حديث الجماهير والمادة الأبرز والأكثر ثراء لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، للإشادة بالمستويات الرائعة والثابتة، والتغني بمنظومة الفكر الإداري الشاب على الرغم من غياب الدعم المالي!
لا يمكن بعد كل هذا التألق والإبداع الذي قدمه أبناء الأحساء أن يكونوا بعيدين عن الشركات الاستثمارية الراعية، كما أن هذا التألق باختصار سيرسم آلية عقود الرعاية من جديد، وسيكون محرجاً لأندية ما زالت تعيش وهم الرعاية مع شركات منذ سنوات، ورغم كل هذا الدعم فهي تسير من سيئ إلى أسوأ، ولا تقدم أي جدوى رياضية أو مردود استثماري!