متاجر التجزئة تتحدى تهديد فضيحة لحم الخيول
أدت فضيحة لحوم الخيل إلى إيذاء مبيعات البيرجر المجمد، وأنتجت زيادة مفاجئة وكبيرة في إيرادات المختبرات الأوروبية، وأطلقت عاصفة من النكات على تويتر. لكنها أخفقت في إحداث خدش في أسعار أسهم معظم شركات التجزئة وشركات تصنيع الطعام المتأثرة بها.
ما هو بالضبط السبب الذي جعل المساهمين لا يكترثون بأكبر فضيحة ضربت صناعة الأطعمة والأشربة البريطانية، التي تبلغ قيمتها 160 مليار جنيه استرليني، منذ أزمة جنون البقر التي سادت في الثمانينيات؟ يعود السبب في معظمه إلى المستهلكين المتفائلين. لكنه كذلك علامة على اللبس في الوقت الذي يحاول فيه المساهمون وشركات التجزئة وشركات التصنيع وضع أصابعهم على الأمر - إن كان هناك - الذي سيشكل التركة الدائمة لهذه الكارثة.
كانت أسهم شركات التجزئة في البورصة فوق مستواها الذي كان سائداً في 16 كانون الثاني (يناير)، حين اكتُشِف وجود لحم الخيل في قطع البيرجر والوجبات الجاهزة على أرفف محال السوبر ماركت في بريطانيا. كانت هناك ضحية واحدة : وهي شركة جرين كور، التي أثبتت الاختبارات في منتصف شهر شباط (فبراير) أن صلصة لحم البقر وزن 350 جراماً من شركة أسدا تحتوي على الحمض النووي للخيول.
تدافع المستثمرون لبيع أسهمهم حين ظهرت نتائج الاختبار، ما دفع بأسهم "جرين كور" إلى التراجع بنسبة الربع تقريباً خلال اليوم. وتظل الأسهم الآن أدنى بنسبة 8 في المائة عن مستوى 115 بنساً الذي كان سائداً في أوائل شهر شباط (فبراير)، ولم تنعكس وتيرة التراجع حتى بعد أن أظهرت الأنباء أن المزيد من الاختبارات أثبتت أن لحم الخيل لم يكن موجوداً.
وصف داميان ماكنيلا، وهو محلل لدى شركة بانميور جوردون، الأثر الذي وقع على "جرين كور" بأنه مبالغة في رد الفعل، حيث ذكر أن مبيعات الوجبة المذكورة بلغت 300 ألف جنيه استرليني من أصل إجمالي إيرادات المجموعة البالغة 1.2 مليار جنيه.
ليس هناك قدر من التفكير المنطقي في الصعود الصاروخي لشركة كرو شو للحوم يزيد على المنطق الذي كان وراء العقوبة التي طبقت على "جرين كور". فبعد أن كان سعر السهم 3.6 بنس في 16 كانون الثاني (يناير)، ارتفع سعره بنساً واحداً على افتراض أن أنموذجها العمودي المتكامل سيُكسِبها استمرارية الزبائن. لكن حتى هذه النشوة تفقد الآن زخمها، حيث إن الأسهم في الوقت الحاضر أعلى بقليل من مستوياتها التي كانت سائدة قبل فضيحة لحوم الخيل.
لكن يشكك البعض في مناعة محال السوبر ماركت، التي كانت على مرمى النيران حين اندلعت الفضيحة. فقد بثت محطات التلفزيون صوراً للعاملين وهم يسحبون المنتجات من الرفوف، وتوقف كثير من المشاهدين بسرعة عن شراء الوجبات الجاهزة التي تشتمل على البيرجر ولحم البقر.
في العمق: فضيحة لحوم الخيل
تواجه صناعة الأغذية الأوروبية أزمة متزايدة بعد اكتشاف الغش على نطاق واسع في المنتجات الغذائية المصنعة التي تحمل علامات لحوم البقر. وكانت شركة تيسكو، وهي أكبر شركة تجزئة في بريطانيا، من أوائل الضحايا بعد أن أثبتت التحاليل أن أحد أنواع البيرجر من أصنافها الفاخرة يحتوي على 29 في المائة من لحم الخيل. هذه الفضيحة، إلى جانب غياب برنامج القسائم النشط الذي طبقته "تيسكو" قبل سنة، أدت إلى عرقلة النمو في مبيعات "تيسكو" خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لبيانات عن الصناعة من "كانتار ويرلد بانِل". ومع ذلك تفوق أداء سهم الشركة خلال تلك الفترة على أسهم "موريسون"، الشركة المنافسة الأصغر حجماً والمفترض أنها الفائزة من الأزمة، بالنظر إلى أنموذجها الأكثر اتجاهاً للطابع العمودي والذي يجعل المجال محدوداً أمام التلاعب. وقد ارتفعت مبيعات "موريسون" بنسبة 0.8 في المائة خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 17 آذار (مارس)، وهو ما يعتبر عكس التيار الذي كان سائداً في الأشهر الماضية حين تراجعت أسهمها. ومنذ 16 كانون الثاني (يناير) ارتفعت أسهم "تيسكو" بنسبة 10 في المائة، مقابل 9 في المائة لأسهم "موريسون". لكن شركة سينزبري، التي تشير أحدث نتائجها إلى أنها انتفعت من موضوع لحوم الخيل، تفوقت على الشركتين معاً، حيث ارتفعت أسعار أسهمها بنسبة 16 في المائة خلال تلك الفترة.
ووفقاً لأرقام "كانتار" فقد سجلت سينزبري أسرع معدلات للنمو من بين ما يعرف باسم الأربعة الكبار في عالم السوبر ماركت، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 8.3 في المائة خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 17 آذار (مارس). إن موقف المساهمين المبني على التفاؤل يقلد موقف المستهلكين، الذين "أصبحوا الآن يتسمون إلى حد ما بالمناعة من حيث المخاوف المتعلقة بخطوط إنتاج الأطعمة"، على حد تعبير كلايف بلاك، وهو محلل من "شور كابيتال".
لكن ما لم يستطع المساهمون التعامل معه هو التركة التي ستخلفها الأحداث من حيث التغييرات والتكاليف الهيكلية. ليس هناك أي شخص لديه أي شك في أن الأضواء المسلطة على خطوط الإمداد ستشعل فتيل بند منتفخ من حيث النفقات على حساب الأرباح والخسائر. إن إدخال تغييرات ضخمة في خطوط الإمداد والمزيد من الاختبارات سيلقي بثقله على شركات التجزئة وشركات التصنيع – لكن السؤال المهم هو ما إذا كان ذلك سيؤثر سلباً على الهوامش أو أن من الممكن أن يجري تحميله على المستهلكين.
تقول شركات التصنيع إن الحالات السابقة تشير إلى أن شركات السوبر ماركت ستُحَمِّل السعر عليها، رغم أن "تيسكو" بالنسبة للوقت الحاضر تقول إنها ستتحمل النفقات الابتدائية التي تتراوح من مليون إلى مليوني جنيه بالنسبة للبرنامج الجديد بخصوص اختبارات الحمض النووي. أما شركة كرانسْوِك، التي تصنع منتجات اللحوم والمعجنات، فإنها ستعتمد كذلك على رفع التكاليف كجزء من برنامج موسع للاختبارات.
لكن الأمر الذي يحتمل أن يكون أكبر مما سبق هو الأثر المترتب على التكاليف نتيجة التدافع للحصول على اللحوم من مصادر محلية، وهو اندفاع بدأه فيليب كلارك، الرئيس التنفيذي لمجموعة تيسكو، ثم تبعته شركات السوبر ماركت على مسافة قريبة للغاية. تتبرم شركات اللحوم من أن المشترين من الشركات من محال السوبر ماركت الكبيرة تتجمع في المزادات، وهو ما يدفع بالأسعار إلى الأعلى. لكن هذا يمكن أن يبدو كأنه نوع من "الفكة" إذا توجهت شركات السوبر ماركت في عقودها نحو لحم الخنزير، الذي تستورد بريطانيا نحو نصفه. ويقول بلاك: "إذا قررت الشركة الرائدة في السوق التحول بنسبة 100 في المائة، فإن هذا يتطلب تغييراً لا يستهان به في إنتاج الخنازير في بريطانيا".