المحتالون يستغلون خوارزميات الإعلانات عبر الإنترنت

المحتالون يستغلون خوارزميات الإعلانات عبر الإنترنت

قبل ظهور إعلان على أحد المواقع، يتحرك غالبا خلال سلسلة مترابطة من الشركات، مما يخلق شبكة معقدة يتم استغلالها من قبل محتالي إعلانات الإنترنت.
ويشتري المعلنون ووكالاتهم الآن جزءا ينمو سريعا من الإعلانات الرقمية من خلال نظم آلية متطورة تحاكي تقنيات البورصات. وتسمح هذه النظم للمسوقين بشراء قدر من الوقت بناء على الشخص الذي سيشاهد الإعلان، بدلا من الموقع الذي سيظهر فيه.
فمن المتوقع، على سبيل المثال، أن يشاهد شخص لديه قطة إعلانات خاصة بطعام القطط، بصرف النظر عما إذا كان يتصل بموقع أخبار رئيس فيه ملايين المستخدمين أو مدونة متخصصة بها آلاف قليلة. فالموقع نفسه ليس له صلة على نحو متزايد.
و تعمل وكالات الإعلان مع ما يسمى مكاتب التداول التي تنشر خوارزميات متطورة يتم الاختيار من بينها خلال مليارات المنافذ الدعائية كل يوم عبر ملايين المواقع. وكنتيجة لذلك، يصبح من الصعب تتبع المواقع التي يظهر فيها الإعلان في الحقيقة، مما يترك منفذا يربح منه المحتالون.
ووفقا لتحقيق أجرته ''سبايدر دوت أي أو'' نُشر بالأمس، يتم استخدام جيوش من أجهزة الحاسوب الشخصي المخترقة لتضخيم الحركة بشكل مصطنع أمام ناشرين معينين في المواقع بمعدل مليارات المرات التي تتم فيها مشاهدة الصفحة. وتقدر الشركة المبتدئة التي يوجد مقرها في لندن، التي تفصل تصفح الإنترنت المشروع عن السلوك الاحتيالي، أن الـ200 موقع التي شملها تحقيقها يكلفون المعلنين ستة ملايين دولار في الشهر.
و تمر هذه الأساليب المخادعة إلى حد كبير دون أن تتم ملاحظتها من قبل العلامات التجارية التي تشتري منافذ الإعلان، والتي تعتقد أن لافتاتها تصل إلى أشخاص واقعيين وليس أجهزة حاسوب مخترقة دون علم أصحابها.
و يقول بينري برايس، مسؤول تنفيذي سابق في إعلانات ''جوجل'' يعمل الآن رئيسا لشركة ميديا سيكس دجريز، شركة موجهة إلى مجال الإعلانات الرقمية: ''الكثير من الأشخاص يستغلون الموقف حقا''.
وتعكس هذه المشكلة العقبات التي واجهها قطاع الإعلانات منذ نحو عقد من الزمان، عندما كان الاحتيال الذي يتم من خلال النقر على زر في إعلانات البحث على الإنترنت متفشيا. وأدخلت ''جوجل'' فلاتر و تخلصت سريعا من هذه الممارسة، لأن دعاية البحث كانت مصدرا رئيسا لإيراداته.
و اليوم، يثبت أن اقتصاد الإعلان على الإنترنت، الذي تطور ليصبح شبكة معقدة من المشترين، و الوسطاء، والبائعين، مما يعني تحديد جذور إحدى مشكلات الاحتيال من خلال نقرة، ناهيك عن حلها، هو تحد ضخم. ويقول برايس: ''لا يوجد زعيم واحد واضح في هذا المجال لأنه يوجد الكثير جدا من التشرذم. و لا أحد على استعداد لأن يكرس مالا لإصلاح هذا''.
و بينما تظهر بعض شركات التحقق من إعلانات الإنترنت فجأة للمساعدة على تحديد المواقع التي تظهر فيها إعلاناتهم، تمر هذه الشركات بأوقات عصيبة خلال محاولتها مواكبة تكاثر التقنيات الجديدة.
و قارنت ''سبايدر دوت آي أو'' نشاط تصفح الإنترنت من جهاز حاسوب تم اختراقه دون علم صاحبه، حيث بدت تحركات الفأرة المزيفة والنقرات ''عشوائية بشكل موحد''، بنماذج إنسانية، كانت أكثر تقلبا و تركيزا في ''النقاط الساخنة'' في الصفحة. ورصدت أيضا برامج حاسوب تعمل تلقائيا من خلال تتبع وقت تعطل أجهزة الحاسوب الشخصي التي تعرضت لاختراق – مع إزالة ''برامج تصفح'' عديدة في الوقت نفسه – قبل أن يعود كل شيء للحياة في الوقت نفسه.
و يقول المسؤولون التنفيذيون في مجال الإعلان إن بعض حراس هذه الشبكة المعقدة للدعاية على الإنترنت، بما فيهم ''جوجل''، و ''ياهو''، و''أوبن إكس''، و ''أب نيكسس''، يبذلون جهودا للتخلص من الاحتيال أكبر من الآخرين. و يُعتقد الآن أن جزءا مهما من بعض إيرادات الإعلانات يأتي من حركة أجهزة الحاسوب التي تعرضت للاختراق وأساليب تضخمية أخرى.
و يقول كريستيان كاريلو، نائب رئيس الابتكار في ''داتا إكسو''، شركة تقدم تقنية الإعلان الرقمية: ''في وجود تقنية عمليات التبادل والطريقة التي تطور بها القطاع، لا يوجد ضوابط على كيفية تقديم تقرير عن قوائم الجرد. ونحن نرى بالفعل تنوعا في النوعية عبر عمليات التبادل''.
ويقول المسؤولون التنفيذيون في مجال الإعلانات إنه بينما يعي القطاع القضية، فإن التعامل معها يتطلب هزيمة مجرمين في مجال الإنترنت أّذكياء ومدعمين جيدا، وهي مشكلة لا تختلف عن تلك التي يواجهها مقدمو الأمن على الإنترنت في مواجهة المتطفلين. و يقول برايس: ''من الصعب إيقافها''.
و مشكلة الاحتيال من خلال أجهزة الحاسوب المخترقة هي مشكلة على مستوى القطاع كله، ولا يزال من الصعب الربط بين الإنفاق على إعلانات الإنترنت وأداء المبيعات والشركات، مما يترك التباسا يستغله المحتالون.
و يقول كاريلو: ''لا تهتم نماذج وأنظمة الإسناد التي تستخدمها الشركات اليوم بالاحتيال وفي بعض الحالات تكافئ المحتالين''.
و يتساءل، مستشهدا بالحكمة القديمة القائلة إن نصف الإعلان يتم إهداره، لكن العلامات التجارية تكافح كي تخمن أي النصفين يتم إهداره، ''إذا كان 10 في المائة من هذا أجهزة حاسوب مخترقة، هل ستعلم في أي وقت؟''

الأكثر قراءة