أنديتنا في خطر
من سوء حظ كرة القدم السعودية أن الأندية الكبيرة التي تحظى برعاية شركات الاتصالات ودعمها توشك عقودها المبرمة على الانتهاء وهي تقدم لنا صورة ضبابية لا تستحق التنويه بجدواها الاقتصادية ومخرجاتها الاستثمارية ولا الإشادة بمكتسباتها طوال الفترة الماضية، فكل ما في الأمر أننا أمام طرفين سلبيين لا يقدمان أي أفكار أو منتجات تسويقية يمكن أن تهيئ بيئة صحية ومناسبة لمشروع الخصخصة الذي يعد أهم أداة تنظيمية وتطويرية تنتظرها كرتنا بفارغ الصبر.
هذه الصورة الضبابية لا أقول إنها من قبيل التشاؤم، بل واقع مؤرق للأندية التي أصبحت بحاجة ماسة إلى شركات أخرى تقوم برعايتها، وفي الوقت نفسه باتت مثبِّطاً لعزائم الشركات والمؤسسات المترددة أساساً في الدخول للاستثمار في كرة القدم السعودية، وكيف تدخل إلى هذا الفضاء الاستثماري والأندية التي تعد ركناً أساسياً فيه لا تسمع منها ولا تشاهد إلا كل ما هو سيئ، صراخ واحتجاجات وتأخر رواتب وشكاوى في "الفيفا"، والأسوأ أنها لا تركز على عملها ولا تلتفت إليه، بل هي منشغلة بتوجيه سهام النقد في كل الاتجاهات دون أن تقبل أي نقد موجِّه لها أو تقدم ما يشفع لها في الملعب وهو الأهم!
التخبط الفني والإداري الذي تسير عليه الأندية أصبح سمة هذا الموسم ومن أندية كبيرة تراجعت بصورة ملحوظة، وغياب الكوادر المحركة للاستثمار يدفعني إلى أن أطرح تساؤلات في غاية الأهمية: هل تتمتع أنديتنا ببيئة جاذبة لعقود الرعاية؟ وهل هي مهيأة لكي تتواءم مع مشروع الخصخصة في هذا التوقيت؟ وهل قدمت مع الراعي أفكاراً استثمارية؟ وماذا عن الأندية الكبيرة المرتبطة بعقود الرعاية، هل قدمت صورة يمكن أن تكون أنموذجاً يحتذى في المستقبل القريب؟
من المؤسف أن يسيطر النفي على إجابة هذه التساؤلات، فعلاوة على ما ذكرنا من مساوئ فنية وإدارية وصراعات مع أطراف خارجية، فإن النادي على علاقة صورية مع الراعي الحصري، كعلاقة الموظف بالبنك، ينتظر دفعاته آخر الشهر، لتذهب في مصارفها الخاطئة البعيدة عن الاختيارات الفنية الصائبة أو الأفكار والمنتجات الاستثمارية!
إن أنديتنا بحاجة إلى وقفة جادة تقيِّم أبعاد عقود الرعاية مع جميع الأطراف التي تسهم في إنجاحها، فالنادي والشركة الراعية لا يقدمان للمشجع غير تذكرة حضور المباريات، والمشجع لا يقدم للنادي والشركة غير قيمة بضع مباريات يحضرها، فأين المنتجات التسويقية والأفكار الاستثمارية التي يمكن أن تفعِّل التوأمة بين هذه الأطراف، وبالتالي تنعكس على توفير مداخيل مالية للأندية؟
حتى إن كان هناك بعض الأفكار والمحاولات القليلة من شركة "موبايلي" في رعايتها للهلال إلا أننا بحاجة إلى كوادر متخصصة في الاستثمار تعيد صياغة علاقة أنديتنا بالرعاة الرسميين بعد أن أصبحنا نشاهد أنديتنا بلا قيمة فنية، ومالياً على المكشوف، وهذا بلا شك يهدّد مشروع الخصخصة الذي كلما اقتربنا منه نظرياً ابتعدنا عنه بأفكار وكوادر بعيدة كل البعد عن النظرة الفنية والفكر الاستثماري!