فيلم «آرجو» يثبت قوة «هوليوود» بين الحكومات

فيلم «آرجو» يثبت قوة «هوليوود» بين الحكومات

عندما عجزت وكالة الاستخبارات الأمريكية عن الدخول إلى طهران في تشرين الثاني (نوفمبر) 1979 بعدما أمر الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر إنقاذ ست رهائن أمريكيين محتجزين في طهران لم يكن أمام هذا الجهاز الذي عرف بقوته إلا الدخول عن طريق عباءة هوليوود. فيلم ''آرجو'' الحائز على جائزة الأوسكار الذي يروي قصة العملية الجريئة لإنقاذ الرهائن الأمريكيين عقب الهجوم على السفارة الأمريكية بها في ذلك الوقت، ولعب بن آفليك دور عميل المخابرات الأمريكي توني منديز، ومثّل كيفية تنفيذ الخطة. رئيس المخابرات الأمريكية السابق ذي 73 عاما تحدث عن عملية التمويه التي استخدمها فريق المخابرات الأمريكية للدخول إلى إيران بحسب ''بي بي سي'' قائلا: ''كنا نبحث عن سبب مقنع لذهابنا إلى طهران، ولم يكن هناك أسباب جيدة، لم نكن نستطيع الدخول كمدرسين أجانب، لأن المدارس الدولية قد أغلقت، ولم نكن نستطيع الدخول كفنيي بترول، ولا كمتخصصي تغذية للتفتيش عن المحاصيل''.
وأضاف كانت الأزمة تتصاعد، بعد أن أمر الرئيس الأمريكي وقتها جيمي كارتر بإعادة الرهائن الست سالمين، عندها وجد توني منديز الطريقة التي تمكّنه من الدخول دون إثارة للشبهات.
كان منديز يعلم أن الرهائن الست لم يتلقوا تدريبا على العمليات السرية، وقرر خلال تواجده في أوتاوا بكندا، كوسيط للاتصال مع الحكومة الكندية، اختراق القواعد وإقامة عملية تمويه. كانت خطته هي السفر إلى طهران والتظاهر بكونه عضوا في فريق عمل لفيلم خيال علمي.
يقول مينديز: ''كان الجميع يعلم أن الذين يعملون في هوليوود يذهبون إلى المكان الذي يرغبون، بغض النظر عن طبيعة الوقت أو التاريخ، إنهم ينسون كل شيء عن طبيعة السياسة أو الخطر في العالم''. وفي كانون الثاني (يناير) عام 1980 طار إلى لوس أنجلوس وفي جيبه عشرة آلاف دولار، كان يستغل تاريخ التعاون الطويل بين المخابرات الأمريكية وهوليوود، خاصة بعد أن بدأ تطوير عمليات التمويه. وخلال العملية استأجر كاتب سيناريو محترفا بدأ في العمل على الفور، وبحث عن مكتب يحمل اسم شركة الإنتاج المزيفة ''ستوديو6'' واستوحى الرقم من عدد الرهائن الأمريكيين الذين يعتزم إنقاذهم.
وخلال يومين كان سيناريو الفيلم قد تم إعداده، تحت اسم '' آرجو''، ويدور حول فكرة شبيهة بأفلام الخيال العلمي ''حرب النجوم''، التي كانت تحقق مبيعات كبرى في شبابيك التذاكر، وتم اختيار موقع التصوير على أنه مكان أسطوري في سوق شعبية قديمة. وفي الوقت نفسه تواصلت شركة ستوديو6 مع المجلات مثل ''مراسل هوليوود'' و''فاريتي''، لصنع حملة إعلامية ضخمة للفيلم المرتقب، وكان منديز يأمل في أن تنجح هذه الحملة في تعمية السلطات الإيرانية عن التفتيش في متعلقاتهم.
واستغرق الأمر من منديز بضعة أسابيع ليقنع رؤساءه في المخابرات، وعددا من رجال الحكومة الكندية بخطته، بسبب القلق الذي كان موجودا من أن فشل الخطة يمكن أن يؤدي لإحراج الحكومات، وتعريض حياة الرهائن الست للخطر.
يقول مينديز: ''لم تكن هناك خطط بديلة للعملية، ولم تكن هناك خطط للهروب''.
وعندما صدر القرار بالسفر إلى طهران، لم يكن أحد حتى زوجته الموظفة بالجهاز نفسه يعلم بأمر المهمة وتمت إحاطة الرئيس كارتر علما بالعملية.
ويتذكر منديز بعد وصوله إلى إيران أن طهران كانت مكانا يمارس فيه الجميع حريته ''في المساء كان رجال الحرس الثوري يسلون أنفسهم، بأن يذرعوا الشوارع بسياراتهم جيئة وذهابا ويطلقون الرصاص من أسلحتهم الآلية على المباني، وكان الإيرانيون قد علقوا جميع الاتفاقيات ''وكونك أمريكي في طهران يعني أنك في خطر''. وفي يوم الجمعة 25 كانون الثاني (يناير) عام 1980 كانت المقابلة أخيرا بين منديز وطاقم السفارة الأمريكية الستة المحتجزين في طهران، والمختبئين بمنزل السفير الكندي في طهران، حيث اختبأوا لمدة 86 يوما وقال منديز ''كانوا قلقين للغاية''.
أطلعهم منديز على الخطة، وأعطاهم بطاقات هوية وملابس على أنهم موظفين في هوليوود بشركة ''ستوديو6''، ووافقت الحكومة الكندية على منحهم جوازات سفر كندية مزيفة.
وخلال 48 ساعة حصل الستة على تدريب قاس لطرق الاستجواب العدائية.
ويتذكر منديز رحلة الهروب وخطورتها، وكيف حاول تهدئتهم ودفعهم للتصور بأن المسألة مجرد لعبة، ويقول: ''كنت آمل أن تنجح هذه الطريقة في تخفيف القلق في العملية وجعلها أكثر متعة''. وبعدها بثلاثة أيام، استقلت المجموعة الطائرة من مطار طهران متجهة إلى زيورخ، يقول منديز: ''كانت هناك أوقات أشعر فيها بأننا لن ننجح عندما كنا نمر في إحدى نقاط التفتيش''. وبعد سنوات عديدة شجع جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق توني منديز على كتابة القصة ''آرجو'' التي شقت طريقها للسينما، وقام بن أفليك بإخراج الفيلم ولعب دور البطولة به بعد أن قابل زوجة مينديز، الذي توفي بالسرطان منذ سنوات.

الأكثر قراءة