لماذا توقفت عن حب كرة القدم؟
يقول صديق: إنه عندما يقود ويستمع إلى أحد برامج كرة القدم التي لا تعد ولا تحصى على البرامج الحوارية، حيث يتصل فيها المشجعون من أجل التشدق عن مدير فريقهم، والمعارضين والحكام واللاعبين... إلخ، يشعر بالحاجة للاتصال بنفسه ليقول: ''هل أدركتم ذات يوم أن ذلك لا يهم على الإطلاق؟''
هذا هو ما بدأت أشعر به تجاه كرة القدم. لقد لعبتها حتى تفككت ركبتي اليسرى إلى اللب، وكتبت عنها لمدة 25 عاما، ولكن أعتقد الآن: أني لا أحب اللعبة أكثر من ذلك. جزئيا، بسبب التشوه المهني: لقد اقتربت جدا من الكائن المعشوق ورأيت ما تبدو عليه حقا. ولكني جزئيا، أعاني من حالة مشتركة بين الرجال في منتصف العمر التي نادرا ما يتم مناقشتها باعتبارها من المحرمات المحرجة. كرة القدم ليست كما تبدو عليه.
ينبغي أن أقول على الفور: إني لا أملك شيئا ضد اللاعبين. الجهاز الضخم الذي يعلّق على اللعبة (أكثر من ذلك في وقت لاحق) يحب أن يظهر أن لاعبي كرة القدم هم المليونيرات من الشياطين المرتزقة. تقع تلك الحجة غالبا على مناشدة عصر ذهبي مفترض عندما يعيش اللاعبون مثل القديسين ويحبون أنديتهم. الحقيقة البسيطة هي، بطبيعة الحال، أن الظروف الاقتصادية قد تغيرت بالنسبة إلى لاعبي كرة القدم. منذ دخل المزيد من المال إلى اللعبة في التسعينيات، وأصبح من السهل على اللاعبين تغيير النوادي. لو كنت مليونيرا أبلغ من العمر 21 عاما مع الفتيات والفيراري والباعة الذي يلقون بأنفسهم في وجهي يوميا، فقد يكون ذلك إغراء بالنسبة إليّ أيضا. وإذا كان هناك من يقدم لي خمسة أضعاف راتبي للعمل لدى صاحب عمل أعلى في الوضع وزملاء أفضل (من المستحيل، بالطبع، لصحافي في ''فايننشيال تايمز'') قد أفعل ذلك أيضا.
وكان معظم لاعبي كرة القدم الذين قابلتهم لطيفين تماما. مشكلتي ليست معهم. في جزء من الأمر، لم أعد أحب اللعبة على أرض الملعب. في طفولتي كان هناك بالكاد أي مباريات على الهواء مباشرة في التلفزيون. وكان هناك برنامج أسبوعي يسلط الضوء على أبرز المباريات. الآن يمكننا مشاهدة ست مباريات حية في نهاية كل أسبوع، والسر هو بالخارج: معظم كرة القدم تبعث على السأم. التدفق المتواصل يخلق الكثير من التكرار. ليونيل ميسي هو أفضل لاعب على الإطلاق، ولكن الآن يمكن مشاهدته 60 مرة على التلفزيون سنويا: ميسي يساوي أربعة رجال وعشرات النتائج، مرة أخرى.
ومع ذلك، فإن اللعبة نفسها يمكن احتمالها. عندما يبلغ أطفالي من العمر ما يكفي، سوف أنقلهم إلى المباريات. كرة القدم تجعل للعائلة طقوسا. ما الأمر الآخر الذي سوف أتكلم مع أولادي بشأنه في سن المراهقة؟
الأسوأ بكثير من كرة القدم هو الجهاز المرتبط بها. تلك الضجة على مدار 24 ساعة تفتقر إلى روح الدعابة وتبدو مرهقة. يتم التعامل مع كل تعليق يقوله أليكس فيرجسون عن الحكم على أنه أخبار العالم - أكبر من، مثلا، مجزرة في مالي. في شهر حزيران (يونيو) الماضي كان هناك نحو 500 صحافي مكتظين في واحد من المؤتمرات الصحافية غير المهمة لفريق إنجلترا في دونيتسك، أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تفتقر وسائل الإعلام إلى الموارد لتغطية الأخبار الفعلية.
ثم أن هناك غضبا: من الحكم الذي يعطي ركلة جزاء، أو اللاعب الذي يجرؤ على تغيير النوادي. الاستخدام الكثيف لكلمة ''كراهية'' (''أنا أكره مانشستر يونايتد''، وغيرها) يعني أن حديث كرة القدم يبدو في كثير من الأحيان مثل الدعاية الفاشية. سيتم تخفيض الهستيريا بكثير إذا نسي المشجعون ووسائل الإعلام مفهوم الحكاية الخرافية أن لاعب كرة القدم يجب أن يحب أي ناد يلعب لصالحه. لا يفكر لاعبو كرة القدم بهذه الطريقة. أستمع إلى لغتهم: لديهم ''وظائف''. كرة القدم هي وظيفة -تدفع جيدا وممتعة في كثير من الأحيان، ولكن الموظفين لا يحبون أرباب عملهم. وقال صديق يدعم ''مانشستر يونايتد'' لي: إنه يعتقد أن بول سكولز وريان جيجز اللذين يلعبان لصالح'' مانشستر يونايتد'' لفترة طويلة يحبان فريق ''يونايتد''. فسألته إذا كان يحب البنك الذي يعمل فيه. وأجاب قائلا بالطبع لا. وكذلك، فإن سكولز وجيجز لا يحبان ''يونياتد'' أيضا. ولكن لديهم فقط علاقات عمل سعيدة مع أرباب العمل.
أي شخص ينظر إلى وراء الستار في عالم كرة القدم يكتشف عدم وجود سحر هناك. صديق آخر، من محبي ''سندرلاند''، خلال مهمة الكتابة عن كرة القدم وجد نفسه في نفق مع لاعبي ''سندرلاند'' قبل انطلاق المباراة. وتطلع إليهم، وأدرك، ''أنها مجرد وظيفة''، ومات السحر بالنسبة له.
بالنسبة لي، أيضا، كرة القدم هي مجرد وظيفة. في جوهانسبرج في عام 2010 جلست أشاهد فريقي، ''هولندا''، وهو يقترب من الفوز في المباراة النهائية لكأس العالم، ولكن عندما سجل أندريس أنيستا هدف الفوز لإسبانيا قبل خمس دقائق من انتهاء المباراة كانت العاطفة المهيمنة عليّ هي الشعور بالإغاثة. لقد كانت المباراة على وشك الذهاب إلى الوقت الإضافي، صحافيو كرة القدم الذين يكتبون التقارير يكرهون الوقت الإضافي. غياب المواعيد النهائية والمحررين في لندن يرسلون البريد الإلكتروني للسؤال عن ميعاد التقديم، ولا يمكن كتابة كلمة بسبب تعادل الفريقين، فهناك عدم معرفة بمن سوف يفوز. لقد جعل أنيستا من حياتي المهنية أمرا سهلا.
وما زلت ممتنا لكرة القدم. جئت إلى الصحافة في التسعينيات عندما كانت الصحف تنهار، وهذا الجهاز الذي يقوم بالتعليق قد سمح لي بالكتابة الحية. وآمل أن أبقى في تغطية كرة القدم باحترافية في حين يتقدم صحافيون آخرون لمجال السياسة أو الصناعة. ولكن الحب لا يأتي فيها.