مولوتوف في القطيف!

لمَن لا يستشعر الخطر، ولمَن لا يزال صامتاً ممسكاً بالعصا من الوسط، ولمن يصرُّ على الحفاظ على شعبيته، قاتلها الله من شعبية، نقول إنها بلغت الحلقوم، فمحاولة حرق مركز شرطة، ثم حرق مبنى المحكمة العامة في القطيف، والدخول في إرهاب المولوتوف، في أقل من يومين، لهو أمر غير مسبوق، وإن لم يتبرأ ''بنو لكن'' من هذه الأفعال الإرهابية، اليوم قبل غد، وإن لم يدينوها ويدينوا مَن خلفها، بدون ''لكن''، فلا حاجة للوطن إليهم لا اليوم ولا غداً. عبث العابثون طويلا، وتسابق مَن كنا نظنهم عقلاء في التبرير لهم. حاولوا النيل من هيبة الدولة، حفظوا خط الرجعة جيداً. عاثوا في الأرض إفساداً دون وجل، فهناك مَن سيغطي على أفعالهم في خطبه. طالب النمر من ورق بإسقاط الدولة، كما طالب بالانفصال، فلما قُبض عليه بعد حين، كانت المفاجأة بالتبرير تارة وبالصمت تارة أخرى، ألا ساء ما فعلوا وما سيفعلون. مخطئ مَن يظن أن الوطن عاجز عن التعامل مع هذه الأعمال الإرهابية، ليس لأن الفعل بسيط أو يمكن التعاطي معه أمنيا بسهولة، بل لأن الغالبية العظمى من السعوديين يرفضون المس بأمن الوطن، مهما كانت المبررات والأسباب، فهم يقفون صفا واحداً في إدانة الإرهاب أياً كان مصدره، كما فعلوا مع إرهاب القاعدة. إذن أين المشكلة؟ المشكلة لمن يتصدرون المنابر ووسائل الإعلام والمجالس! لكنهم الآن يتوارون ولا يقومون بواجبهم، وإن فعلوا تبعوه بلكن التبريرية، يلفون ويدورون وفي النهاية يبررون. المؤسف أن الطائفية أصبحت سيفاً مسلطاً على كل مَن ينتقد أو يرفض الإرهاب في القطيف، وكأنه أصبح مباحا استباحة الوطن وطعنه في خاصرته، تحت غطاء الوحدة الوطنية والتقريب بين المذاهب. الإرهاب كما الجريمة، لا يعرف ملة ولا دينا ولا طائفة. الطائفية هي عندما تناصر طائفتك وتختلق لها الأعذار، بل تقدمها على مواطنتك. الطائفية أن تكون شيعياً، أو سنياً، أولا وثانياً وعاشراً، ثم يأتي الوطن بعد ذلك! منذ بدأت أحداث شغب العوامية في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، التي كان واضحاً أنه لا يمكن الاستهانة بها، وهناك حملة تجييش لم تتوقف تناصرها، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فهناك من يعتبرها تعبيراً عن الرأي، وآخر يستغلها لتنفيذ أجندته في مكان آخر من السعودية، وقسم ثالث يميّع القضية وكأنها لا تستحق، ولعلكم تذكرون البيان التعيس الذي صدر مدافعاً ومبرراً عن أحداث القطيف، ها نحن الآن أمام تصعيد خطير وصل لدرجة حرق مبان حكومية بحثاً عن فوضى تعمّ الوطن .. فهل هذه حرية الرأي التي تحدثوا عنها؟ لم نكن نبالغ عندما وصفناهم بالإرهابيين، فنفس مَن دافعوا عنهم يصرحون بذلك علناً ولا يأبهون بردود الفعل .. فهل لنا أن نطالبهم ببيان آخر يعتذرون فيه عما اقترفوه بحق الوطن؟! ما يفعله الإرهابيون في القطيف سينتهي عاجلاً أم آجلاً، وستبقى صورة المتخاذلين ممن كنا نعتبرهم كباراً في أذهاننا طويلاً، فقد تخلوا عن الوطن عندما كان بحاجة إليهم، وبعد اليوم لم يعد بحاجة إليهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي