الصيانة هدر أم استثمار؟

المتأمل للاستثمارات الهائلة التي يمر بها البلد في جميع المسارات، التي أساسها التوسع في البنية التحتية والمنشآت الخدمية والمصانع بأنواعها يطرح سؤالا مهما: هل هناك خطط تواكب هذا الاستثمار للحفاظ على تلك المنشآت بأنواعها؟ وهل أصحاب القرار يقومون بالأعمال اللازمة للحفاظ عليها بالشكل المطلوب هندسيا ومهنيا؟ وهنا تبرز أهمية أعمال الصيانة وتوافر القرارات والمنهجية والبيئة المناسبة والأدوات والموارد البشرية المؤهلة للحفاظ على تلك الاستثمارات بكامل أشكالها.
الإحصائيات في المجال الصناعي تظهر أن مبالغ مالية معتبرة عادة ما تصرف على أعمال الصيانة على المصانع والمعدات بأنواعها. وتسعى الدراسات ومبادئ الإدارة الحديثة في مجال الصيانة إلى تقليل تلك التكاليف بالطرق الهندسية والفنية المدروسة.
كانت وما زالت تكاليف أعمال الصيانة تقلق المستثمرين والمديرين التنفيذيين، وما زالت بعض المنظمات تفشل بشكل وبآخر في تعريف وتحديد الأهداف التشغيلية لأعمال الصيانة ودورها في المنظمة ككل من نظرة اقتصادية. وما زالت أعمال الصيانة وتكلفتها السنوية ينظر إليها على أنها ضريبة القيام بأعمال الاستثمار، وكثيرا ما كانت أعمال الصيانة مهملة وتعد عبئا على أية منشأة أو استثمار، حيث جرت العادة على أن يركز المستثمرون والمديرون التنفيذيون على إدارات الإنتاج والتصنيع والمشاريع التي ينظر إليها على أنها استثمارات ذات مردود مالي مباشر.
لكن مع تطور الصناعة ومفاهيم الإدارة الحديثة أصبح ينظر لأعمال الصيانة كاستثمار يخدم المنظمة بشكل مباشر وغير مباشر وأصبحت إستراتيجية الصيانة جزءا مكملا من الإستراتيجية العامة للمنظمة.
إن أعمال الصيانة في أي منظمة يجب أن تكون جزءا من الإستراتيجية العامة لها لتخدم الهدف الأساسي الذي وضعت من أجله أيا كانت هذه المنظمة إنتاجية أو خدمية، مصنع حديد أو أسمنت أو مركز تسوق أو فندقا أو مطارا.
إن أعمال الصيانة أيا كانت أهميتها باختلاف المنظمات، أهمية أساسية أو مكملة، يجب أن ينظر إليها كعنصر مهم ومسهم في نجاح المشاريع الاستثمارية ومتى تم تجاهل ذلك أصبحت عبئا ومعطلا للاستثمار على المديين المتوسط والبعيد، حيث إنها في أبسط أحوالها الحافظ الحقيقي للاستثمارات الهائلة لتعطي المردود الاستثماري أو الخدمي الذي أنشئت من أجله لفترات طويلة بالشكل المناسب. وأخيراً وليس آخرا يجب أن ينظر إلى أعمال الصيانة على أنها جزء من عناصر التحضر والرقي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي