انخفاض سعر النفط يعطي متنفسا للمستهلكين

انخفاض سعر النفط يعطي متنفسا للمستهلكين

يمكن للمستثمرين الباحثين عن سبل لحفز النمو أن يوجهوا أنظارهم إلى نوع آخر من أنواع السيولة: "بنك النفط المركزي"، وتراجعت أسعار خام برنت إلى أدنى مستوياتها في 18 شهراً وانخفض سعر البرميل إلى ما دون 90 دولاراً أمس الأول.
وانعكست المخاوف المتعلقة بالطلب العالمي على الأسعار، إلا أن السعودية، وهي أكبر مصدر للخام في العالم، أضافت إلى الإمدادات عندما رفعت إنتاجها إلى أعلى مستوياته في 30 عاماً.
وكان التأثير مذهلاً، فمنذ آذار (مارس) انخفضت أسعار النفط أكثر من 30 في المائة. وبعد وصول البرميل إلى ذروة بلغت 128.40 دولار في وقت سابق هذا العام، انخفض الخام في الأسبوع الماضي إلى 88.49 دولار.
والاختلاف في السعر يعني، وفقا للمستويات الحالية للطلب العالمي، أن "التحويل" من المنتجين إلى المستهلكين سيتخطى 100 مليار دولار شهريا. كذلك يشكل هبوط أسعار النفط كابحا للتضخم. فالبنوك المركزية المتطلعة إلى مزيد من التخفيف في القيود النقدية سيكون بإمكانها ألا تقلق كثيرا فيما يتعلق بزيادة الضغط التضخمي. وفي حين تساهم المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي في انخفاض سعر النفط، فإن تأثير الخام الأرخص على أسعار البنزين وفواتير التدفئة المنزلية يعني أن لدى المستهلكين دخلا أكبر قابلا للإنفاق. وقال علي النعيمي، وزير النفط السعودي، أخيرا: "إجراءاتنا ساعدت في انخفاض سعر النفط (...) الذي شكل حافزا للاقتصاد العالمي والأوروبي".
والنفط سلعة متقلبة والأسعار المنخفضة لن تبقى طويلا. وعند مستوى 90 دولاراً للبرميل، يعتبر خام برنت الآن دون المستوى المريح بالنسبة إلى السعودية، ما يشير إلى أن المملكة ربما تعود لتقليص الإنتاج لتجنب المزيد من تراكم في المخزون. وقال محللون إن انخفاض السعر سيساعد، مع مرور الوقت، كبار العملاء التجاريين، مثل شركات الطيران والشاحنات الثقيلة ووسائل النقل الأخرى، في حين يتسبب في ضعف أرباح الشركات التي تعمل في مجال التنقيب عن الطاقة.
وقال فاتح بيرول، كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية، إن أوروبا أنفقت 32 مليار يورو لاستيراد النفط في آذار (مارس)، وفي هذا الشهر أصبحت الفاتورة 27 مليار يورو. وفي الولايات المتحدة بلغت تكلفة استيراد النفط في آذار (مارس) 33.5 مليار دولار، وسيكلف 27 مليار يورو في حزيران (يونيو).
وستشهد الاقتصادات الناشئة، ولا سيما الصين وإندونيسيا والهند، تراجع أعبائها المالية بسبب انخفاض الإعانات المطلوبة.
وقال أمريتا سين، محلل النفط لدى بركليز في لندن، إن الأسعار المنخفضة للنفط تساعد بشكل خاص عملية النمو في الولايات المتحدة، حيث يجعل انخفاض الضرائب على البنزين السعر أكثر استجابة للتحركات في أسواق الجملة. وانخفض متوسط السعر في محطات البنزين العادية من ذروة بغلت 3.94 دولار للجالون في أوائل نيسان (أبريل) إلى 3.53 دولار في الأسبوع الماضي.
وقال الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي إن أسعار البنزين المنخفضة ساعدت في دفع الانخفاض في معدلات التضخم. وتخلى الاحتياطي الفيدرالي عن الشروع في جولة ثالثة شاملة من "التسهيل الكمي" لتحفيز الانتعاش، لكنه قد يفعل ذلك في وقت لاحق هذا العام.
والإمدادات الجديدة من السعودية، وكذلك من أمريكا الشمالية، تمثل سببا واحدا فقط لهبوط الأسعار. ويعد انخفاض الأسعار أيضا من أعراض النمو الاقتصادي الضعيف.
وقال لوتس كيليان، الاقتصادي في جامعة ميتشجان: "نعم انخفضت الأسعار لكنها انخفضت على وجه التحديد لأن الاقتصادات لا تقوم بعملها جيدا". وتابع: "السؤال الذي يقول ماذا تعني أسعار النفط بالنسبة للاقتصاد؟ يعد سؤالا ضعيفا جداً، لأن الاقتصاد هو الذي يفعل شيئاً لأسعار النفط".
ولاحظ بيرول أن أسعار النفط لا تزال مرتفعة بالنسبة إلى المعايير التاريخية. فمنذ بداية العام الجاري حتى الآن، بلغ متوسط سعر خام برنت 114.2 دولار للبرميل، وهو أعلى معدل في ستة أشهر على الإطلاق. ويتجاوز هذا المعدل ما تحقق في الفترة نفسها عام 2008، عندما سجلت الأسعار ارتفاعاً عالياً، وفي 2011 عندما قطعت الحرب الأهلية في ليبيا إمدادات النفط بشكل كبير.
وقال: "إذا واصل الاقتصاد العالمي التدهور، فلن ندهش عندما نرى انخفاضا أكبر في الأسعار". وقد يصبح تأثير انخفاض الأسعار على الشركات واضحاً في وقت لاحق هذا العام، عندما يبدأ كثير منها في إصدار تقاريره الخاصة بنتائج الفترة من نيسان (أبريل) إلى حزيران (يونيو). إلا أن بعض الدلائل تشير إلى دفعة من انخفاض أسعار النفط.
وتوقعت مجموعة الطيران التجاري "لاتا" أخيرا، أن تبلغ نفقات الوقود 207 مليارات دولار هذا العام، على أساس سعر متوسط 126.50 دولار للبرميل. وانخفض مؤشر "لاتا" لأسعار وقود الطائرات أكثر من عشرة دولارات للبرميل منذ ذلك الحين، ما يشير إلى وفورات تبلغ 19 مليار دولار.
ويمكن للمستهلكين الاستفادة من ذلك. وبحسب ريموند جيمس، الذي يعمل في مجال الوساطة، مع انخفاض أسعار الوقود من غير المتوقع حدوث زيادات في أسعار السفر الجوي عام 2013 "وقد نرى انخفاضا طفيفا في متوسط الأسعار".
وفي غضون ذلك تلقت أسهم الطاقة ضربة وتراجعت منذ بداية العام حتى الآن بنسب بلغت 5 في المائة في أكسون موبيل، و7.7 في المائة في شيفرون، و5.6 في المائة في كونوكو فيلبس.
وقال فاضل الغيط، كبير محللي الطاقة في شركة أوبنهايمر الأمريكية: "آفاق الأرباح بالنسبة إلى هذه الشركات تتدهور، وهذا هو سبب تدهور الأسهم".

الخطر الإيراني
ومع أن أسعار النفط تتخذ اتجاه الهبوط، إلا أن إيران لا تزال قادرة على عكس المسار ورفع الأسعار مرة أخرى لتصل إلى 100 دولار للبرميل.
وسجلت صادرات النفط الإيراني انخفاضاً حاداً في حزيران (يونيو)، بينما يعمل حظر وشيك على التأمين على الناقلات التي تحمل الخام الإيراني على إبعاد المشترين. وسيمنع الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي اعتبارا من يوم الأحد المقبل، مصافي التكرير من شراء الحماية والتأمين، P&I، من سوق التأمين في لندن.
ويعتقد خبراء النفط أن الحظر سيخفض 400 ألف برميل أخرى يومياً من المبيعات الإيرانية بحلول الأول من تموز (يوليو) المقبل، لتضاف إلى 600 ألف برميل يوميا خسرتها إيران نتيجة لعقوبات أخرى فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

الأكثر قراءة