مواقع إلكترونية مغلفة بالشرعية لتصيد الراغبين في الزواج

مواقع إلكترونية مغلفة بالشرعية لتصيد الراغبين في الزواج
مواقع إلكترونية مغلفة بالشرعية لتصيد الراغبين في الزواج
مواقع إلكترونية مغلفة بالشرعية لتصيد الراغبين في الزواج
مواقع إلكترونية مغلفة بالشرعية لتصيد الراغبين في الزواج

تتضاعف مع إجازة الصيف عروض الزواج التي تقدمها مواقع إلكترونية لكلا الطرفين الرجل والمرأة، المغلفة بإطار إسلامي لكسب شرعية زائفة للتأثير في المتصفحين لمواقعهم من جانب ديني، ويعمل معظم هذه المواقع على تكثيف الجهد لتقديم العروض في إجازات الصيف، وتحديدا للمسافرين شرقي البلاد أو غربيها، حيث تتوافر الفتيات الراغبات في الزواج، لكن جميعها في حقيقتها تمارس المكر والخداع لابتزاز الباحثين عن زوجات جميلات.
ويساند هذه المواقع عديد من الإعلانات على الإنترنت والشبكات الاجتماعية، تدعو فيها إلى التسجيل في مواقع تلبس الثوب الشرعي للزواج بالتنسيق بين طلبات الزواج وعروضها المغرية الخادعة التي ليس فيها مصداقية، وتظهر في أغلبية تلك الإعلانات صور لفتيات يدعين المتصفح للبحث عن فتاة بغرض الزواج، في حملات تسويقية بدأت تتصاعد منذ سنوات إلى أن شهدت حضورا لافتاً مع صيف عام 2012.

#2#

وأثارت تلك الإعلانات تساؤلات كثير من مستخدمي الفيسبوك وجوجل، فمنهم من فوجئ بمواقع تحمل عنوان ''مسلمة دوت كوم'' يعرض بالبنط العريض إعلانا يدعو فيه إلى التسجيل للتعارف ومواعدة الجنس الآخر، وآخرون يتساءلون كيف يمكن لموقع إلكتروني يسمى ''قرآن'' ومسجل فيه أكثر من مليون شاب وشابة يبث رسائل مخالفة للدين يدعو فيها الشباب للبحث عن زوجات مطلقات أو مقيمات، للتعرف عليهن والزواج بهن زواجا إسلاميا؟!
فيما انتهجت وتقمصت أغلبية تلك المواقع شخصية الدين التي تجمع رأسين في الحلال، في ظاهرة جديدة غزت مجتمعاتنا العربية والمواقع الإلكترونية، فهناك أكثر من عشرة مواقع كبيرة في أعداد المشتركين المسجلين تفوق سبعة ملايين راغب وراغبة في الزواج.
وفي نظرة سريعة أجرتها ''الاتصالات والتقنية'' على أبرز أربعة مواقع، تبين من خلالها وجود أكثر من 387 ألف شاب، و198 ألف فتاة - في آن واحد ''أون لاين'' - يرغبون في الزواج، تظهر أسماؤهم المستعارة وصور مشاهير من ممثلين ومغنيين على ملفاتهم الشخصية الظاهرة في صفحات الموقع، ونبذة عن كل مشترك، وجميعهم من مختلف الجنسيات والأعمار. وانتهجت تلك المواقع في تصيدها الضحايا التلبس بالغطاء الشرعي والحث على قيم وأخلاق المجتمع الإسلامي، وبعضها يدون أسماء مأذونين ورجال دين وحسبة من أجل كسب تعاطف المشتركين، خاصة الفتيات، لكن سرعان ما يختلف المحتوى والأهداف بمجرد التسجيل والدخول إلى عالم تلك المواقع المشبوهة.

العرض والطلب
تقول اعتدال محمد - إعلامية وتربوية - إنها تعرف كثيرا من الشابات يرتدن تلك المواقع لأهداف باطنة، بكل تأكيد هي لا تصبو إلى المعلنة وهي توفيق رأسين في الحلال. كل ما في الأمر - والحديث لاعتدال - هو تعارف وتجربة بالحرام، هي في الواقع نسخة غربية تعربت لتظهر عناوين ''مطلقات ومقيمات يبحثن عن زواج'' من كل صوب، فتارة في مواقع الفيسبوك، وتارة أخرى في صفحات جوجل.
فيما رأت اعتدال أن تلك المواقع انحرفت عن أهدافها الحقيقية لعدم جدية مرتاديها، ووصل بها الأمر إلى الدائرة الاقتصادية فأصبح كثير من الأفراد يستهدف تلك المواقع من أجل حفظ أكبر رصيد ممكن من التعارف والتواصل من أجل التسويق والترويج لسلع معينة يتعاملون فيها بالاتصال بهم وعرضها عليهم.
من جهة أخرى، أوضح علي الصافي - متخصص في البرمجيات والشبكات الإعلامية - أن تلك السلوكيات الدخيلة على المجتمع أمر لا يصدق بأن تستمر هكذا دون إغلاقها أو تنظيمها في ظل زيادة العنوسة وتوجه كثير من الفتيات للتقنية ومع تزايد استخداماتها أيضا، قد يكن ضحية سهلة للإيقاع بهن وابتزازهن عندما تغيب الفتاة عن المنطق، وتغرق عاطفيا على آمال بحثها عن شريك حياتها. وأشار الصافي إلى أن الأمر وصل برمته إلى منحنيات خطيرة قد تدس السم داخل مجتمعاتنا المحافظة، فهناك مواقع نزعت الحياء حتى أصبحت الطلبات والعروض تظهر بصورة لا أخلاقية هي تلقب نفسها بالفراشة الحمراء، أو الساهرة، وذاك مسجل باشتراك مالي يصل في بعض المواقع إلى ألف ريال سنويا تحت سقف طلب الزواج.
ويؤكد الصافي في سياق حديثه أن تلك المواقع يمكن تجهيزها وتشغيلها في أقل من يوم واحد، وهي عبارة عن قوالب برمجية جاهزة للبيع منها ما هو مصمم بلغة ASP ومنها ما هو مصمم بلغة PHP، ويمكن شراؤها من موقع ''أمازون دوت كوم'' و''جملة دوت نت''، وهي نفسها البرمجيات التي تستخدم في مواقع ''حراج دوت كوم'' ومواقع عروض وطلبات البيع والشراء الخاصة بالسلع التجارية.

#3#

تقليد تام للغرب
عديد من المواقع العالمية تعمل على تحديد الآلية نفسها التي تعتمد عليها مواقع الزواج الإلكتروني سواء في طريقة عرض الطلبات أو طريقة الإعلانات، لكن بطريقة عرض وطلب المواصفات الجمالية والجاذبية المطلوبة، على سبيل المثال Beautiful people وتعني بالعربية الناس الجميلين هو نسخة طبق الأصل من تلك المواقع التي تعرض فيها الفتاة نفسها للزواج، لكن الأمر يختلف، فهناك شبان يعرضون أنفسهم للزواج، ويتكفل الفتيات بالتصويت للراغبين في الزواج من الشبان بقبول الاشتراك وانضمامه إلى الموقع أو برفض طلبه، حتى إعداد هذا التقرير فقد تم انضمام أكثر من 620 ألف شاب في هذا الموقع، مقابل رفض أكثر من مليوني شاب، كل تلك الأمور تحولت بشكل مقلوب من العالم الغربي إلى العربي وبالتقنيات المستخدمة والآليات نفسها، لكن بغطاء شرعي، وهو الزواج الإسلامي.

#4#

وفي زيارة لموقع ''زواجنا دوت كوم'' يظهر الموقع بحلة شرعية يُعرف بنفسه بشكل تسويقي وعبر الكلمات التالية: ''لأن زواجنا دوت كوم أحد أهم وأكبر مواقع الزواج في العالم العربي حيث يعرض لأحدث وأفضل وسائل التعارف لراغبي الزواج ويسهل عليك لقاء أشخاص خارج محيط دائرة معارفك! الآن يمكن البحث عن زوجة والتحدث معها بمنتهى السهولة، ''زواجنا دوت كوم'' يضع كل إمكاناته لمساعدة راغبي الزواج في الوصول إلى نصفهم الآخر''. ولا يزيد على ذلك موقع ''نكاح دوت كوم'' الذي رسم في صفحته الرئيسة عددا من الأعضاء الناجحين بروايات وقصص من عالم الخيال، مذيلا صفحاته بضمان السرية التامة رافعا صوت طموح الشباب العربي من الزواج بنصفهم الآخر بطريقة حضارية. وهناك موقع للزواج يشرف عليه أحد الأفراد المجهولين وضع رقمه لاستقبال الإيداعات البنكية فقط، ويبدو أكثر من 209 آلاف عضو مشارك في الموقع، مع قائمة بالأسعار الخاصة بالاشتراكات والخصائص التي يوفرها للمشترك، وتتكون من فئات عدة. ومن المواقع التي لا رقيب عليها ''مسيار أون لاين'' الذي يعرض فرص زواج المسيار مرحباً في صفحته الرئيسة بالزوار راسما الكلمات التالية ''أهلا ومرحبا بك عزيزي الزائر في موقع ''مسيار أون لاين''، أول وأفضل موقع عربي يتخصص في زواج المسيار بعد أن ثبتت صحته بالفتاوى الشرعية، ومن خلال هذا الموقع تستطيع أن تتعرف وتقارن وتبحث بمنتهي السهولة عما يناسبك - بإذن الله''، وهنا استغل الموقع فتوى شرعية كمصيدة للزوار حتى يتم الاشتراك ودفع المبلغ للعضوية بعدها تبدأ دوامة الاحتيال على العضو وخصم رسوم عن كل عرض يقدم إليه.
ومن جهة أخرى، أوردت مجلة ''ماريان الفرنسية'' في إصدارها الأخير أن ميشيل بوازن أحد علماء الاجتماع في فرنسا تمكن من الوصول إلى قناعات شخصية حول تفاعل المرأة العربية بشكل عام والمسلمة بشكل خاص مع الشبكات الاجتماعية ومواقع التعارف والصداقة، قال فيها: ''إن المسلمين أكثر انخراطا في مثل هذه المواقع من غير الديانات الأخرى، وإن استخدام شبكة الإنترنت يجعل من الممكن توسيع التغطية الجغرافية للتعارف والتهرب من مراقبة الأقارب، خاصة في بيئات تمنع فيها المرأة من لقاء الرجل في الفضاء العام''.

الأكثر قراءة