«عراب» الأمن السعودي لم يستعص عليه ما أعجز خبراء العالم

«عراب» الأمن السعودي لم يستعص عليه ما أعجز خبراء العالم

لن ينسى السعوديون يوم الثلاثاء الأول من محرم عام 1400هـ الموافق 20 من نوفمبر 1979 م عندما قطع التلفزيون السعودي بثه ليظهر الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية آنذاك على الشاشة وآثار التعب ظاهرة عليه، وملامح البشرى يتهلل بها وجهه - رحمه الله - ليعلن عن تطهير قبو المسجد الحرام من جميع عناصر التمرد.
وذلك مع آخر طلقات "الكلاشنكوف" التي كان يستخدمها أتباع جهيمان العتيبي قائد التمرد، وبعد محاصرته ومن بقي من أتباعه في قبو الحرم المكي بعد أن كانوا يعتلون المنارات للسيطرة على بيت الله الحرام.
تلى ذلك المؤتمر الصحافي الشهير الذي عرف العالم بعده أن (نايف بن عبد العزيز) هو الرجل القوي في الأمن السعودي، وليسدل الستار على أصعب مراحل التاريخ السعودي الحديث ببصمة لا تحتمل التزوير تحمل اسم هذا الرجل (نايف بن عبد العزيز آل سعود).
و اتضح للعالم آنذاك براعة وحنكة رجل الأمن الأول في السعودية بعد تلك الحادثة نظراً لحساسية المكان فقد كان التعامل يحتاج إلى شخصية قوية وقادرة على التعامل مع جميع الأطراف المعنية مثل ( نايف بن عبد العزيز)، وبالأخص المؤسسة الدينية والرأي العام الإسلامي الذي كانت اللقاءات الصحافية تشكل مارثونا رائعا يتصدره هذا الرجل القائد الأمني الذي كان تعامله الإعلامي يطغى على شخصيته الأمنية.
ومنذ ذلك العام والأمير نايف يدير أهم الملفات في السعودية مثل الأمن الداخلي، وهندسة اتفاقيات الحدود مع دول الجوار.
دلف الأمير نايف - رحمه الله - إلى عالم السياسة فتىً يافعاً لم يتجاوز الـ 20 من عمره عندما عُين وكيلاً لإمارة منطقة (الرياض) العاصمة السعودية في إشارة مبكرة إلى تولى (نايف السياسة و الحكمة) مناصب مهمة في الدولة السعودية.
ومع بداية العقد الحالي وبعد مرور 30 عاماً، كان الأمير (نايف) مع موعد شبيه بذلك الموعد في بداية الثمانينيات الميلادية، فالجماعات المتطرفة تعود مرة أخرى لكن بطريقه مغايرة وتكتيكات صعبة أرهقت الأمن الدولي، لكنها لم تستعص على عرّاب الأمن الفكري (نايف بن عبد العزيز) الذي عكف على هذا الملف ليخرج برؤية كانت مثار استغراب العالم عندما طرحها للوهلة الأولى وهي "الأمن الفكري"، أقوى الأسلحة لمواجهة الإرهاب كما بينت الاستراتيجية التي تبعتها وزارة الداخلية السعودية والنجاحات التي حققتها.
استفاق العالم بعدها على تبني رؤية نايف الأمير القائد الفذ من قبل دول كبرى كـ (أمريكا) و (بريطانيا)، ناهيك عن الدول العربية والإسلامية التي نقل فيها (نايف) استراتيجية التعامل مع هذه الحركات بالسلاح إلى استراتيجية التعامل الفكري بتجفيف منابع التطرف، لذلك ظل الملف الأمني السعودي متماسكاً ومتيناً مقارنة بدول أخرى مشابهة.
وكان (نايف الأمن والأمان) قادرا على إدارة الدولة بعيداً عن الأساليب البوليسية، إلا في ملف الإرهاب! لتشكل المملكة بقعة من أكثر أماكن العالم أمناً. وباعتراف هذه الحركات فالسعودية أصبحت بفضل من الله ثم بفضل من الأمير (نايف بن عبد العزيز آل سعود)، الأكثر أماناً على الرغم من صعوبة ملف الإرهاب فيها والذي سيطر عليه (قائد الأمن الفكري) في فترة قياسية.
منذ أكثر من 35 عاماً، والأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، يذود بـ (بسالة المقاتل الشجاع)، عن أمن بلاده، ويقف في وجه كل من يحاول مس استقرارها، عبر موقعه على رأس "الوزارة الساهرة" كما أطلقت عليها إحدى اللوحات التشكيلية التي علقت على جدرانها من الداخل.
ولعل الأحداث الإرهابية التي ضربت السعودية في أيار (مايو) 2003، كانت أحد أبرز الأحداث الحاضرة في الذهن والتي تصدى لها سمو النائب الثاني، بما عرف عنه من رباطة جأش وحزم في التعامل مع كل من يلامس (الأمن) الذي يعتبر خطا أحمر بالنسبة له لا يقبل الاقتراب منه، حتى بات تعامل الأمن السعودي مع الإرهاب ودحره مضرباً للمثال من قبل الغرب والعرب، وهو ما حدا بقيادات، وساسة، وأمنيين غربيين إلى الدعوة مراراً إلى الاستفادة من تجربة الأمن السعودي بقيادة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود في التعامل مع الإرهاب.
رحل (نايف) الأمير المحب، والحريص على العلم والتعليم، لكنه لم يترجل إلا بعد أن سلح جنوده بالعلم والمعرفة، حيث سعى طوال فترة توليه لوزارة الداخلية من خلال برامج مكثفة، إلى تطوير قدرات كل فرد ينتمي إلى وزارته، ارتقت بأفرادها فارتقى الوطن بهم، وجعل من "الداخلية " أحد الأجهزة التي يفخر بها السعوديون ويساندونها بكل عزم وإصرار.

الأكثر قراءة