ساحر النبات
في طفولته كان يمضي وقته في حديقة منزله متأملا وباحثا عن الزهور البرية التي كان يعتبرها من حوله مجرد أعشاب دخيلة يحاولون التخلص منها حتى لا تضر بالمحصول، أما ''بير بانك'' ذلك الطفل الصغير الذي لقب فيما بعد بـ (ساحر النبات)، فكان ينظر إليها بحب ويعاملها كما يعامل أقرانه ألعابهم أو حيواناتهم الأليفة، فتجده إما مستلقيا وإما جاثيا على ركبتيه بين الحشائش والنباتات يراقب حركاتها وسكناتها بشغف حتى نشأت بينه وبينها حالة من الحب والعشق، منحته تلك القدرة الخارقة ليس فقط على التحاور مع النباتات بل التحكم في نموها أيضا، مما أكسبه شهرة واسعة وأصبح بيته ومزرعته يغصان بالزوار.
ففي مزرعته التي تحتوي على زهور الزنبق وتمتد على مساحة فدان من الأرض، ورغم جمال الزهور، إلا أن بعض أنواعها تنبعث منه رائحة كريهة، فكان طموحه أن تتحول إلى رائحة جميلة، لذا بدأ حوار المحبة بينه وبين زهراته، طالبا منها أن تتخلص من الرائحة الكريهة وتستبدلها بأخرى طيبة (وهذه القدرة ورثها عن والدته التي كانت تملك قدرات عالية على التخاطر مع البشر والنبات)، وبينما هو يمشي في مزرعته ذات مساء شم رائحة طيبة، ولكي يعرف مصدرها جثا على ركبتيه يشم كل زهرة تقابله، حيث بلغ عدد الزهور التي شمها نحو خمسة آلاف زهرة كما ذكر فلاحو مزرعته حتى وجد ضالته، فقام بقطع جزء من قميصه وربطه بها حتى يتمكن من التعرف عليها لاحقا كعادته، وتمكن بعد ذلك من إنتاج سلالة من الزنبق ذات الروائح الزكية رغم أنه ليس بعالم في مجال الزراعة والتلقيح.
والأغرب أنه تمكن من زراعة صبار بلا شوك، فبعد أن عانى من امتلاء وجهه ويديه بأشواكه الدقيقة أثناء عنايته بشجيراته تمنى صبارا من دون أشواك، لذا بدأ حوار العشاق بينه وبينها راجيا منها أن تنمو دون أشواك يقول: ''بير بانك'': بينما كنت أقوم بتجاربي لإنتاج صبار من دون شوك كنت غالبا ما أتحدث إلى النبات لتكثيف ذبذبات الحب بيننا.. كنت أقول له (ليس هناك ما يمكن أن تخاف منه، لن تكون محتاجا لأشواكك الدفاعية سأقوم بحمايتك) فاستجاب النبات لتوسلاته ونما دون أشواك.
لقد كان مؤمنا أن النبات يتمتع بإدراك بدائي، حيث يستجيب لكلمات محدثه، وهذا ما أثبته علماء النبات فيما بعد من أن للنبات مخا بدائيا يستطيع من خلاله التواصل مع الإنسان ليس هذا فقط، بل إن للنبات هالة مغناطيسية تحيط به شبيهة بالهالة حول جسم الإنسان وتمكنوا من تصويرها بكاميرات خاصة والتي يعتقد أن بير بانك كان يراها، ومن خلالها كان يستطيع معرفة سلوك النبتة وهل هي سليمة أم تحمل مرضا معينا يوقف نموها أو يجعلها تنتج ثمارا غير التي يريدها! فقد كان يستطيع بنظرة واحدة تحديد النبتة التي تحمل صفات تؤثر في نموها فيقتلعها. وعندما قام المختصون بزراعة الشتلات التي اقتلعها اكتشفوا صدق حدسه فهي لم تنم كما يجب.
وبالحب والتشجيع استطاع أن يبتكر 800 سلالة نادرة وأن يختصر فترة نمو بعض النباتات مثل ''أبو فروة'' التي كانت تحتاج إلى 25 سنة حتى تحمل الثمار وبفضل جهوده وحبه للنبات وتواصله معه وابتكار طرق تلقيح جديدة، تمكن من إنتاج أنواع تؤتي ثمارها خلال سنة ونصف فقط، لذلك ظهر في قواميس اللغة فعل جديد هو ''بير بانكنج'' ويعني التجديد.