فكرة الاعتزال تنتقل من أقدام اللاعبين إلى أصابع المغردين
سواء كان لاعبا أو فنانا أو حتى موظفا عاديا فإن طرح فكرة الاعتزال أو التقاعد تبدو مقبولة جدا بالنظر إلى أن هذه الأعمال تحتاج لقوى خاصة لممارستها تقل تدريجيا مع تقدم العمر، لكن غير المعقول أن تتحول فكرة الاعتزال إلى عقول المغردين في تويتر لتوقفهم عن إبداء الرأي أو التواصل مع الآخرين وتقتل عالم الحياة الافتراضية الذي يعيشونه، فهذه المهمة خصوصا لا تحتاج إلا لخدمة الإنترنت! فاللسان دائما ما يواصل مهمة العمل حتى آخر لحظة، وربما كان أكثر لياقة مع تقدم العمر وتزايد التجربة وامتلاء مخزون الذاكرة الذي تدفعه شهوة الكلام إلى تفريغ ما فيها.
ورغم أن أفكار الاعتزال تناقش وتطرح بين المغردين دون تسجيل حالة واحدة كبرى، لكنها كثيرا ما تظهر في شكل تعبير عن الامتعاض يمارسه كثير منهم، ولا سيما المشهورين الذين استفادوا سابقا من وجود مقص الرقيب لإيقاف التجاوزات بحقهم في القنوات الإلكترونية عبر الإنترنت أو حتى الإعلام الرسمي، وفي تويتر لا وجود لهذا المقص ويواجه الجميع حقيقة الشارع ونظرة المجتمع بكل أطيافه وخصوصا تلك الطبقة التي تمارس النقد حقا كان أو باطلا، فما لا يجرؤ كائنا من كان على قوله في وجه مسؤول ما يصبح مباحا في تويتر، وكل عبارات الثناء والمجاملة التي تنهال على الكاتب القدير أو الفنان الكبير تتحول إلى كلمات من الرصاص توقد حينا بعد آخر جذوة الرغبة في الابتعاد عن أجواء تويتر.
والعرب في تويتر – كما يقولون هم - تنفسوا الحرية وجربوا ما نعم به العالم الأول منذ زمن لكنهم في مقابل هذا عبروا كل مساحات الحرية الواسعة ليصلوا إلى مرحلة الانتقام أو الترصد أو حتى البوح بالحقيقة المرّة في حق بعضهم البعض، متناسين أن تجربة الرأي الواحد في السابق حرمتهم من خوص غمار الرأي الآخر لكنها أيضا منعتهم من الاعتياد على قبوله في حقهم، فهم لا يقبلون إلا المدح والتصفيق رغم الادعاءات بقبول النقد البناء، وهذا عموم يقبل استثناءات قليلة.