«مونوبولي» ولعبة الممتلكات الحقيقية
«مونوبولي» ولعبة الممتلكات الحقيقية
دعيت في الأسبوع الماضي إلى بيت أحد أصدقاء المدرسة القدامى للعب لعبة مونوبولي مع بعض زملاء الدراسة السابقين.
كقاعدة، فإنني أعتقد أن عمليات إعادة لم شمل الأصدقاء تكون في العادة شنيعة، ومحرجة على الدوام. غير أن هذه المناسبة كانت على الأقل رخيصة، ووجدت نفسي في الظروف التي أكون فيها جيداً في لعبة مونوبولي.
اخترعت هذه اللعبة التي عمرها 100 عام لإظهار رعب الرأسمالية وتشجيع اللاعبين على الاندفاع العدواني الشديد لشراء الممتلكات العقارية، ورفع إيجاراتها على نحو مرهق حتى تنفذ سيولة خصومهم. وإن هذه ظروف معتادة بالنسبة إلي، وكنت مقتنعاً بأن معرفتي الداخلية ستعطيني الميزة. ولكنها لم تفعل. وأصبحت جشعاً للغاية، وسرعان ما انتهى بي الأمر إلى الإفلاس.
رغم ذلك، فينبغي عدم لومي بالفعل. ويكاد لا يكون هنالك رجع صدى بين لعبة مونوبولي وسوق الإسكان في أيامنا هذه، كما أنها تلعب دور عملية شراء للسماح للحب بالدخول، بأكثر مما هي درس سريع الزوال في أخطار المشاريع الحرة.
كبداية، فإن مغفلاً فقط يمكن أن يشتري بيتاً تكون فيه فرصة الربح الوحيدة فيه من خلال الإيجار، مهما كان باهظاً. وإن فكرة ألا ننظر إلى نمو رأس المال السريع كأمر مسلم به هي فكرة شيوعية، وسخيفة. ثم هنالك عدم الملاءمة المتمثل في السماح فقط ببناء منازل منفصلة، وفنادق. فكيف يفترض أن تلعب دور التنمية بتلك الطريقة؟ إن أسوأ ما في الأمر – وهنا النقطة التي تتفتت بها اللعبة برمتها – هو أنك لا تستطيع استخدام محفظة ممتلكاتك لجعل البنك يقرضك المال. وبدلاً من ذلك، فإن اللاعبين تفتر هممهم في السيناريو غير المرضي على نحو عميق المتعلق بقدرتهم فقط على شراء ما بإمكانهم تحمل ثمنه.
لا يطابق أي من هذا الهراء الإسكان في الحياة الفعلية. وتظل المشكلة تتمثل في أن لعبة الممتلكات الممنهجة، حيث لا تصبح أغنى بمجرد امتلاك أصل من الأصول، تبدو عتيقة الطراز على نحو كبير.
إنني أنتمي إلى جيل تمت تربيته بحيث لا يرى ملكية المنزال خطوة رئيسية باتجاه مرحلة البلوغ الناضج، ولكن كبوابة إلى أرض موعودة لأمان مالي خالد.
إن اعتقادنا بمعادلة الملكية + الوقت = الربح مغروس في أنفسنا إلى حد العبادة. وهو عميق في الواقع إلى درجة أن الهبوط في أسعار الممتلكات العقارية في بداية التراجع الذي كان يمكن له أن يقوض هذا الاعتقاد بسهولة – عزز قناعتنا بقوة الإسكان. وإن ما كان مجرد تفكير أماني قائم على "لا يهم إذا لم نقم بأي إجراء بخصوص منازلنا، حيث أن السوق ستهتم بكل شيء" تحولت بفعل السحر إلى منطق صلب. وإن العملية المتمثلة باصطياد المنازل في هذه الأيام تتعلق أكثر بمغامرة بخصوص ما يحتمل أن يحدث للقيم في منطقة معينة، كما هي بالفعل الرغبة في، أو الحاجة أن نكون في تلك المنطقة. وحتى في المناطق الرديئة، فإننا نتوقع أن تبدأ القيم بالارتفاع منذ أن يتم تبادلنا التوقيع على العقود. وبعد كل شيء، فإن هذا كل ما وجدت السوق من أجله، أليس كذلك؟
يتم توجيه النشاط العملي في حاجتنا إلى تصديق هذا الأمر. وإنني أتلقى على الدوام بيانات صحافية تدعي أنها اكتشفت حقيقة بينة حول كيفية جعل ملكية البيت المرء أكثر سعادة، وصحة، وأكثر جاذبية في نظر الجنس الآخر الذي يصارع دفعات الإيجار.
يتضمن واحد من مثل هذه التقارير التي نشرت حديثاً الادعاء الجريء بأن مالكي المنازل البريطانيين العاديين أغنى بثلاث مرات من نظرائهم المستأجرين. ويبدو في ظاهر هذا الأمر أنه ذلك النوع بالضبط من الدليل القاطع الذي يدعم حجة الشراء في الأسواق طالما أن الأمر ممكن إنسانياً. ومن المثير للاهتمام بأن البنوك البريطانية، بالمعدل، على استعداد لإقراض أصحاب المنازل نحو 65 في المائة من قيمة ما يختارونه من الممتلكات العقارية. فهل يمكن لهذا القرض أن يضاعف ما يمكن للمالكين أن يساهموا به، ويفسر كونهم أغنى بثلاث مرات من نظرائهم المستأجرين؟ إن هذا التقرير لا يجيب عن ذلك. ومن الغريب كذلك، أنه يفشل في تبيان كمية مديونية مالكي المنازل. إن الحكومات على المنحنى البياني الآخر، إذ تحاول بشدة أن تخلصنا من اندفاعنا المفرط، وتفاؤلنا الشديد بخصوص الإسكان. وإنه جانب أساسي من الخطة العظمى لمنعنا من تكرار الأخطاء ذاتها. وبالطريقة ذاتها التي يتم بها توجيه رجال المصارف بعيداً عن إدارة المؤسسات التي تخدم الجمهور وكأنها بنوك خاصة بهم، فإن الدولة تحاول تذكيرنا بأن امتلاك منزل هو في الأساس أمر متعلق بتوفير مكان للعيش، بدلاً من مضاعفة أموالنا.
إن هذه النظرية تبدو منطقية بصورة رائعة. والمشكلة هي أنه لا أحد يريد وجود سوق منطقية للإسكان.
إن مجرد القول إن سوق الممتلكات العقارية ليست حقيقة ميتة يكفي لجعل أي مالك بيت في غاية الغضب. والأكثر من ذلك فإن أولئك الذين يصارعون للحصول على درجة على السلّم سيشعرون بأنهم مسلوبون إذا لم يُسمح لهم كذلك بفرصة لتكوين ثروة بشراء المكان الصحيح. وإنها فرصة العمر، وبإمكانك أن تلوم السوق دائماً إذا سارت الأمور على نحو خاطئ.
إن الحقيقة هي أننا نحب أن نقامر، وإن الممتلكات العقارية هي أفضل طلقة يعتقد معظمنا أنها ستحقق له الفوز الكبير. وإن الحيلة، كما هي حال أي لعبة، هي معرفة متى يجب عليك ألا تبالغ.