الإنتربول السعودي .. والاحتيال

أشارت كلمة ''الاقتصادية'' في العدد 6766 إلى التحذير الذي أطلقه الإنتربول السعودي مجدداً للمواطنين والمقيمين على حد سواء في السعودية، بتوخي الحيطة والحذر لدى استخدامهم الشبكة العنكبوتية ''الإنترنت'' في تنفيذ عملياتهم المالية والتجارية، في ظل التزايد الملحوظ في حالات الاحتيال الإلكتروني من خلال عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت، وانتشار الشركات والمؤسسات الوهمية في فضاء واسع يمتد عبر مساحة العالم، والذي يختبئ تحت مظلته المتربصون للإيقاع بضحاياهم في مخططات احتيال ونصب مالي وتجاري بطرق متعددة.
هذا التحذير الذي أطلقه الإنتربول السعودي، يعزز من وجود عدد كبير من الشركات والمؤسسات الوهمية والمزيفة التي تستغل وللأسف الشديد نعمة الثورة المعلوماتية والتقدم التقني المذهل الذي يعيشه العالم، للإيقاع بضحاياهم في شتى أنواع عمليات النصب والاحتيال المالي والمصرفي، بما في ذلك التجاري. ومن هذا المنطلق ولتجنيب المواطنين أو المقيمين في السعودية الوقوع في مثل هذا النوع من الاحتيال الإلكتروني الذي تمارسه الشركات والمؤسسات الوهمية من خلال شبكة الإنترنت، حذر البيان الصادر عن الإنتربول السعودي المواطنين والمقيمين في السعودية من مستخدمي الإنترنت بأن يسلكوا الحيطة والحذر أثناء استخدامهم الشبكة العنكبوتية ''الإنترنت''، لتنفيذ عمليات مالية أو تجارية، وألا ينساقوا أو أن ينجرفوا تحت أي إغراءات أو إعلانات تجارية تأتيهم من جهات مشبوهة أو مزيفة أو مزورة أو حتى مجهولة المصدر، كونها تنطوي على شتى أنواع وأساليب الخداع والغش المالي والتجاري، إضافة إلى أنها تعمد إلى توريط ضحاياها والمستجابين معها وتجرفهم وراء فرص تجارية ومالية زائفة، بهدف الإيقاع بهم في عمليات نصب واحتيال مالي ومصرفي، بما في ذلك تجاري.
وقد حدد البيان الصادر عن الإنتربول السعودي بعضاً من أساليب وأنواع الاحتيال المالي والتجاري التي يمارسها المحتالون والنصابون من الشركات والمؤسسات المالية والتجارية الوهمية من خلال ساحات الإنترنت، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الإعلانات عن وظائف خارج المملكة، والتي تتطلب إرسال البيانات الشخصية وصورة لجواز السفر والخبرات والمعلومات التفصيلية عن الشخص الذي يرغب في التقدم للوظيفة، وذلك بحجة استكمال إجراءات التعيين على الوظيفة، ومن ثم يقع الشخص الذي يستجيب لتلك الإعانات المضللة فريسة وضحية لعمليات ابتزاز مالي متعددة، من خلال الاستغلال والاستخدام المشبوه لبياناته في مجالات متعددة تسيء لصاحبها وتوقع به في المحظور عرفاً وقانوناً.
من بين أنواع وأساليب الاحتيال والنصب والابتزاز المالي الأخرى، التي تمارسها المؤسسات والشركات الوهمية للإيقاع بضحاياها، الإعلان عن الفوز بجوائز نقدية أو عينية كبيرة، وتطلب من الضحية الإدلاء والإفشاء بكامل معلوماته الشخصية وبياناته البنكية، بحجة تحويل مبلغ الجائرة النقدية إلى حسابه الشخصي المفتوح لدى البنك، أو إرسال الجائزة العينية إلى عنوانه في بلده الأصل، ما يوقعه لا محالة ضحية أو شريكا دون أن يشعر بعملية احتيال ونصب مالي، ولعل الأسوأ من ذلك وذاك أن من يستجيب لتلك الإعلانات والدعايات المضللة قد يقع ضحية أو شريكاً في عملية غسل أو تبيض للأموال، بمجرد السماح لتلك الشركات أو المؤسسات باستخدام حسابه المصرفي بتمرير عمليات مالية ونقدية مشبوهة من خلاله.
من بين أنواع وأساليب الاحتيال والنصب والابتزاز المالي الأخرى، التي نبهت إليها وزارة الداخلية السعودية في وقت سابق في رسالة توعية صدرت عنها للمواطنين والمقيمين على حد سواء بعدم التجاوب مع اتصالات أشخاص مجهولين يطلبون من عملاء البنوك تحديث بياناتهم المصرفية واستدراجهم للإفصاح عن أرقامهم السرية الخاصة بخدمة الهاتف المصرفي وبطاقات الصراف الآلي مدّعين أنهم من موظفي البنوك، وآخرين يوهمون المواطن أو المقيم بفوزه بجائزة مبلغ مالي ويتم طلب أرقام الحسابات البنكية.
كما أصدرت البنوك السعودية، وفقما أشارت إليه كلمة ''الاقتصادية''، العديد من التحذيرات لعملائها، والتي تضمنت نشرة تحذيرية نبهت العملاء إلى ضرورة متابعة العمليات المالية التي تتم على حساباتهم، لا سيما أن البنوك تقوم بإرسال رسائل نصية لعملائها على أرقام جولاتهم المقيدة لدى البنك تشعرهم بالعمليات المالية التي نفذت على حساباتهم، في حين تقوم البنوك السعودية من خلال لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بإرسال رسائل توعية لكافة عملاء البنوك وغيرهم، تنبههم من خلالها إلى عدد من التحذيرات والإرشادات الضرورية التي تجنبهم الوقوع في عمليات نصب واحتيال مالي ومصرفي، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، ضرورة تغيير الأرقام السرية الخاصة ببطاقاتهم المصرفية دورياً وبالذات عند العودة من السفر للخارج، وعدم استخدام أرقام سرية لبطاقاتهم المصرفية سهلة أو متشابهة أو مكررة أو متسلسلة، كما يتوجب على عملاء البنوك الإبلاغ فوراً عند فقدان البطاقة المصرفية أو الائتمانية وعدم استخدامها في الأماكن أو مواقع التسوق الإلكتروني المشبوهة والمزيفة، وأخيراً وليس آخرا، عدم التجاوب مع الإعلانات عن تسديد المديونيات ومنح التمويل للمشاريع، كونها تتم بشكل غير قانوني ونظامي وتنطوي على عمليات احتيال ونصب مالي ومصرفي.
خلاصة القول إنه دون أدنى شك جهود التوعية المصرفية والمالية، بما في ذلك التي لها علاقة بالجوانب التجارية، وكما أشارت كلمة ''الاقتصادية''؛ كبيرة وملموسة على المستوى الوطني، والتي تقوم بها جهات عديدة، من بينها الإنتربول السعودي والبنوك السعودية وجهات أخرى عديدة من بينها وزارة الداخلية ومؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما''، بما في ذلك وسائل الإعلام المحلية، ما يتطلب من عملاء البنوك وغيرهم، الالتفات والانتباه لها والتقيد بمضمونها، بغية حماية أموالهم وثرواتهم ومدخراتهم الشخصية من الضياع والهلاك، وتجنيبها من أن تكون عرضة لعمليات نصب واحتيال مالي ومصرفي، والتي قد تمتد وللأسف الشديد إلى المشاركة في عمليات غسل أو تبييض أموال دون أن يشعروا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي